بازگشت

مكارم أخلاقه


أما أخلاق الامام الرضا عليه السلام فانها نفحة من روح الله، و هي تضارع أخلاق جده الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله و سلم الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق، و قد حدث ابراهيم بن العباس عن سمو أخلاقه عليه السلام بقوله:

«ما رأيت و لا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا عليه السلام ما جفا أحدا قط، و لا قطع علي أحد كلامه، و لا رد أحدا عن حاجة، و ما مد رجليه بين جليسه، و لا اتكي قبله، و لا شتم مواليه و مماليكه، و لا قهقه في ضحكه، و كان يجلس علي مائدته مماليكه و مواليه، قليل النوم بالليل، يحيي أكثر لياليه من أولها الي آخرها، كثير المعروف و الصدقة في السر، و أكثر ذلك في الليالي المظلمة..».

و هذه الأخلاق كأخلاق جده رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم الذي طور حياة الانسان، و أنقذ الامم و الشعوب من حياة التيه و التأخر الي حياة حافلة بالعزة و الكرامة.



[ صفحه 36]



لقد روي المؤرخون صورا رائعة من مكارم أخلاقه فقد رووا أنه لما كان في خراسان و تقلد ولاية العهد، التي هي أرقي منصب في الدولة الاسلامية بعد الخلافة فلم يأمر أحدا من مواليه و خدمه في الكثير من شؤونه و انما كان يقوم بذاته في خدمة نفسه، و قد احتاج الي الحمام فكره أن يأمر أحدا بتهيأته، و مضي الي حمام في البلد لم يكن صاحبه يعرفه فلما دخل الحمام كان فيه جندي فأزال الامام عن موضعه، و أمره أن يصب الماء علي رأسه، و دخل الحمام رجل كان يعرف الامام فصاح بالجندي هلكت، أتستخدم ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم؟ فذعر الجندي و وقع علي الامام يقبل أقدامه، و يقول:

«هلا عصيتني اذ أمرتك..».

فتبسم الامام في وجهه و قال له برفق و لطف:

«انها لمثوبة، و ما أردت أن أعصيك فيما اثاب عليه..» [1] .

و من معالي أخلاقه أنه اذا جلس علي مائدة أجلس عليها مماليكه حتي السايس و البواب [2] و قد أراد بذلك القضاء علي التمايز بين الناس، و افهام المجتمع أنهم جميعا علي صعيد واحد، و قد اثر عنه من الشعر في ذلك قوله:



لبست بالعفة ثوب الغني

و صرت أمشي شامخ الرأس



لست الي النسناس مستأنسا

لكنني آنس بالناس [3] .



اذا رأيت التيه من ذي الغني

تهت علي التائه باليأس [4] .



[ صفحه 37]



ما ان تفاخرت علي معدم

و لا تضعضعت لافلاس [5] .



و دلل الامام بهذا الشعر علي مدي ما يتمتع به من مكارم الأخلاق التي هي امتداد مشرق لأخلاق آبائه الذين أسسوا الفضائل و المكارم في دنيا العرب و الاسلام.


پاورقي

[1] نور الأبصار: 138.

[2] المناقب 4: 361.

[3] النسناس: دابة و همية علي شكل الانسان.

[4] التيه: الكبر.

[5] المناقب 4: 361.