بازگشت

ذكاؤه و عبقريته


و ملك الامام محمد الجواد عليه السلام في سنه المبكر من الذكاء و العبقرية ما يثير الدهشة و يملك النفس اكبارا و اعجابا و قد ذكر المؤرخون بوادر كثيرة من ذكائه كان من بينها ما يلي:

1 - ما رواه امية بن علي قال: كنت مع أبي الحسن الرضا بمكة في السنة التي حج فيها مودعا البيت الحرام عندما أراد السفر الي خراسان و كان معه ولده أبوجعفر الجواد، فودع أبوالحسن البيت، و عدل الي المقام فصلي عنده، و كان أبوجعفر قد حمله أحد غلمان الامام يطوف به و حينما انتهي الي حجر ابراهيم جلس فيه و أطال الجلوس، فانبري اليه موفق الخادم، و طلب منه القيام معه فأبي عليه، و هو حزين، قد بان عليه الجزع، فأسرع موفق الي الامام الرضا عليه السلام و أخبره بشأن ولده، فأسرع اليه، و طلب منه القيام فأجابه بنبرات مشفوعة بالبكاء و الحسرات قائلا:

«كيف أقوم؟ و قد ودعت يا أبتي البيت وداعا لا رجوع بعده..». و سرت موجة من الألم في نفس الامام الرضا عليه السلام فالتمس منه القيام معه فأجابه الي ذلك [1] .



[ صفحه 27]



و دلت هذه البادرة علي مدي ذكائه، فقد أدرك من وداع أبيه للبيت الحرام أنه الوداع الأخير له، لأنه رأي ما عليه من الوجل و الأسي مما أوحي اليه أنه النهاية الأخيرة من حياته، و فعلا قد تحقق ذلك فان الامام الرضا عليه السلام بعد سفره الي خراسان لم يعد الي الديار المقدسة، و قضي شهيدا مسموما علي يد المأمون العباسي.

2 - و من بوادر ذكائه ما حدث به المؤرخون أن المأمون قد اجتاز في موكبه الرسمي في بعض شوارع بغداد علي صبيان يلعبون، و كان الامام الجواد واقفا معهم فلما بصروا بموكب المأمون فروا خوفا منه سوي الامام الجواد فانه بقي واقفا فبهر منه المأمون، و كان لا يعرفه، فقال له:

«هلا فررت مع الصبيان...؟».

فأجابه الامام بمنطقه الرائع الذي ملك به عواطف المأمون قائلا:

«يا أميرالمؤمنين لم يكن بالطريق ضيق فأوسعه لك، و ليس لي جرم فأخشاك و الظن بك حسن أنك لا تضر من لا ذنب له..».

و عجب منه المأمون و سأله عن نسبه فأخبره به فترحم علي أبيه [2] و سنعرض لهذه الجهة في البحوث الآتية.

3 - و من آياته نبوغه المذهل انه في سنه المبكر قد سأله العلماء و الفقهاء عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب عنها.. و لا مجال لتعليل هذه الظاهرة الا بالقول ان الله تعالي قد منح أئمة أهل البيت عليهم السلام طاقات مشرقة من العلم لم يمنحها الا الي اولي العزم من أنبيائه و رسله.



[ صفحه 28]




پاورقي

[1] كشف الغمة 3: 152.

[2] أخبار الدول: 115.