بازگشت

معرفة ولادته


قال أبومحمد الحسن بن علي العسكري الثاني (عليه السلام): ولد بالمدينة، ليلة الجمعة، النصف من شهر رمضان [1] سنة مائة و خمس و تسعين من الهجرة. [2] .

341 / 1- و حدثني أبوالمفضل محمد بن عبدالله، قال: حدثني أبوالنجم بدر ابن عمار، قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن علي، قال: حدثني عبدالله بن أحمد، عن صفوان [3] ، عن حكيمة بنت أبي الحسن موسي (عليه السلام)، قالت: كتبت لما علقت ام ابي جعفر (عليه السلام) به: «خادمتك [4] قد علقت».

فكتب الي «انها علقت ساعة كذا، من [5] يوم كذا، من شهر كذا، فاذا هي



[ صفحه 384]



ولدت فالزميها سبعة أيام».

قالت: فلما ولدته قال: أشهد أن لا اله الا الله، فلما كان اليوم الثالث عطس فقال: الحمدلله، و صلي الله علي محمد و علي الأئمة الراشدين. [6] .

342 / 2- و حدثني أبوالمفضل محمد بن عبدالله، قال: حدثني جعفر [بن محمد] بن مالك الفزاري، قال: حدثنا محمد بن اسماعيل الحسني، عن أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام)، قال: كان أبوجعفر (عليه السلام) شديد الأدمة، و لقد قال فيه الشاكون المرتابون - و سنه خمسة و عشرون شهرا - انه ليس هو من ولد الرضا (عليه السلام)، و قالوا لعنهم الله: انه من شنيف [7] الأسود مولاه، و قالوا: من لؤلؤ، و انهم أخذوه، والرضا عند المأمون فحملوه الي القافة [8] و هو طفل بمكة في مجمع من الناس بالمسجد الحرام، فعرضوه عليهم، فلما نظروا اليه و زرقوه بأعينهم خروا لوجوههم سجدا، ثم قاموا فقالوا لهم: يا ويحكم! مثل هذا الكوكب الدري و النور المنير، يعرض علي أمثالنا، و هذا والله الحسب الزكي، والنسب المهذب الطاهر، والله ما تردد الا في أصلاب زاكية، و أرحام طاهرة، و والله ما هو الا من ذرية أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب و رسول الله (عليهماالسلام) فارجعوا واستقيلوا الله و استغفروه، و لا تشكوا في مثله.

و كان في ذلك الوقت سنه خمسة و عشرين شهرا، فنطق بلسان أرهف [9] من السيف، و أفصح من الفصاحة يقول:

الحمدلله الذي خلقنا من نوره بيده، واصطفانا من بريته، و جعلنا امناءه علي خلقه و وحيه.

معاشر الناس، أنا محمد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق



[ صفحه 385]



ابن محمد الباقر بن علي سيدالعابدين بن الحسين الشهيد بن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب، و ابن فاطمة الزهراء، و ابن محمد المصطفي (عليهم السلام) ففي مثلي يشك! و علي و علي [10] أبوي يفتري! واعرض علي القافة!

و قال: والله، انني لأعلم بأنسابهم من آبائهم. اني والله لأعلم بواطنهم و ظواهرهم، و اني لأعلم بهم أجمعين، و ما هم اليه صائرون، أقوله حقا، و اظهره صدقا [11] ، علما ورثناه الله قبل الخلق أجمعين، و بعد بناء السماوات و الأرضين.

وايم الله، لولا تظاهر الباطل علينا، و غلبة دولة الكفر، و توثب أهل الشكوك و الشرك و الشقاق علينا، لقلت قولا يتعجب منه الأولون و الآخرون، ثم وضع يده علي فيه، ثم قال: يا محمد، اصمت كما صمت آباؤك (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل و لا تستعجل لهم) [12] الي آخر الآية.

ثم تولي لرجل. [13] الي جانبه، فقبض علي يده و مشي يتخطي رقاب الناس، و الناس يفرجون له. قال: فرأيت مشيخة ينظرون اليه و يقولون: الله أعلم حيث يجعل رسالته [14] فسألت عن المشيخة، قيل: هؤلاء قوم من حي بني هاشم، من أولاد عبدالمطلب.

قال: و بلغ الخبر الرضا علي بن موسي (عليه السلام) و ما صنع بابنه محمد (عليه السلام)، فقال: الحمدلله، ثم التفت الي بعض من بحضرته من شيعته فقال: هل علمتم ما قد رميت به مارية القبطية، و ما ادعي عليها في ولادتها [15] ابراهيم بن رسول الله؟

قالوا: لا يا سيدنا، أنت أعلم، فخبرنا لنعلم.



[ صفحه 386]



قال: ان مارية لما اهديت الي جدي رسول الله (صلي الله عليه و آله) اهديت مع جوار قسمهن رسول الله علي أصحابه، و ظن بمارية من دونهن، و كان معها خادم يقال له (جريح) يؤدبها بآداب الملوك، و أسلمت علي يد رسول الله (صلي الله عليه و آله)، و أسلم جريح معها، و حسن ايمانها و اسلامهما [16] فملكت مارية قلب رسول الله (صلي الله عليه و آله)، فحسدها بعض أزواج رسول الله (صلي الله عليه و آله)، فأقبلت زوجتان من أزواج رسول الله الي أبويهما تشكوان [17] رسول الله (صلي الله عليه و آله) فعله و ميله الي مارية، و ايثاره اياها عليهما؛ حتي سولت لهما أنفسهما أن يقولا: [18] ان مارية انما حملت بابراهيم من جريح، و كانوا لا يظنون جريحا خادما زمنا [19] فأقبل أبواهما الي رسول الله (صلي الله عليه و آله) و هو جالس في مسجده، فجلسا بين يديه، و قالا: يا رسول الله، ما يحل لنا و لا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك.

قال: و ماذا تقولان؟!

قالا: يا رسول الله، ان جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمي، و ان حملها من جريح، و ليس هو منك يا رسول الله، فأربد وجه رسول الله (صلي الله عليه و آله) و تلون لعظم ما تلقياه به، ثم قال: ويحكما ما تقولان؟!

فقالا: يا رسول الله، اننا خلفنا جريحا و مارية في مشربة، و هو يفاكهها و يلاعبها، و يروم منها ما تروم الرجال من النساء، فابعث الي جريح فانك تجده علي هذه الحال، فانفذ فيه حكمك و حكم الله (تعالي).

فقال النبي (صلي الله عليه و آله)، يا أباالحسن، خذ معك سيفك ذا الفقار، حتي تمضي الي مشربة مارية، فان صادفتها و جريحا كما يصفان فاخمدهما ضربا.

فقام علي واتشح بسيفه [20] ، و أخذه تحت ثوبه، فلما ولي و مر من بين يدي رسول الله



[ صفحه 387]



الله أتي اليه راجعا، فقال له يا رسول الله، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار، أو الشاهد يري ما لا يري الغائب.

فقال النبي (صلي الله عليه و آله): فديتك يا علي، بل الشاهد يري ما لا يري الغائب.

قال: فأقبل علي (عليه السلام) و سيفه في يده حتي تسور من فوق مشربة مارية، و هي جالسة و جريح معها، يؤدبها بآداب الملوك، و يقول لها: أعظمي رسول الله، و كنيه و أكرميه. و نحو من هذا الكلام.

حتي نظر جريح الي أميرالمؤمنين و سيفه مشهر بيده، ففزع منه جريح، و أتي الي نخلة في دار المشربة فصعد الي رأسها، فنزل أميرالمؤمنين الي المشربة، و كشف الريح عن أثواب جريح، فانكشف ممسوحا. فقال: انزل يا جريح.

فقال: يا أميرالمؤمنين، آمن علي نفسي؟

قال: آمن علي نفسك.

قال: فنزل جريح، و أخذ بيده أميرالمؤمنين، و جاء به الي رسول الله (صلي الله عليه و آله)، فأوقفه بين يديه، و قال له: يا رسول الله، ان جريحا خادم ممسوح. فولي النبي بوجهه الي الجدار، و قال: حل لهما - يا جريح - واكشف عن نفسك حتي يتبين كذبهما؛ ويحهما ما أجرأهما علي الله و علي رسوله. فكشف جريح عن أثوابه، فاذا هو خادم ممسوح كما وصف. فسقطا بين يدي رسول الله و قالا: يا رسول الله، التوبة، استغفر لنا فلن نعود.

فقال رسول الله (صلي الله عليه و آله): لا تاب الله عليكما، فما ينفعكما استغفاري و معكما هذه الجرأة علي الله و علي رسوله؟!

قالا: يا رسول الله، فان استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا، و أنزل الله الآية التي فيها: (ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) [21] .

قال الرضا علي بن موسي (عليه السلام): الحمدلله الذي جعل في وفي ابني محمد اسوة برسول الله وابنه ابراهيم.



[ صفحه 388]



و لما بلغ عمره ست سنين و شهور قتل المأمون أباه، و بقيت الطائفة في حيرة، واختلفت الكلمة بين الناس، واستصغر سن أبي جعفر (عليه السلام)، و تحير الشيعة في سائر الأمصار. [22] .

343 / 3- و حدثني أبوالمفضل محمد بن عبدالله، قال حدثني أبوالنجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبوجعفر محمد بن علي، قال: روي محمد بن المحمودي، عن أبيه، قال: كنت واقفا علي رأس الرضا (عليه السلام) بطوس، فقال له بعض أصحابه: ان حدث حدث فالي من؟

قال:الي ابني أبي جعفر.

قال: فان استصغر سنه؟

فقال له أبوالحسن: ان الله بعث عيسي بن مريم قائما بشريعته في دون السن التي يقوم فيها أبوجعفر علي شريعته.

فلما مضي الرضا (عليه السلام)، و ذلك في سنة اثنتين و مائتين [23] ، و سن أبي جعفر (عليه السلام) ست سنين و شهور، واختلف الناس في جميع الأمصار، واجتمع الريان ابن الصلت، و صفوان بن يحيي، و محمد بن حكيم، و عبدالرحمن بن الحجاج، و يونس بن عبدالرحمن، و جماعة من وجوه العصابة في دار عبدالرحمن بن الحجاج، في بركة زلزل [24] يبكون و يتوجعون [25] من المصيبة، فقال لهم يونس: دعوا البكاء، من لهذا الامر يفتي [26] بالمسائل الي أن يكبر هذا الصبي؟ [27] يعني أباجعفر (عليه السلام)، و كان له ست سنين و شهور، ثم قال: أنا و من مثلي! فقام اليه الريان بن الصلت فوضع يده في



[ صفحه 389]



حلقه، و لم يزل يلطم وجهه و يضرب رأسه، ثم قال له: يابن الفاعلة، ان كان أمر من الله (جل و علا) فابن يومين مثل ابن مائة سنة، و ان لم يكن من عندالله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة (عليهم السلام) أو ببعضه، أو هذا مما ينبغي أن [28] ينظر فيه؟ وأقبلت العصابة علي يونس تعذله.

و قرب الحج، واجتمع من فقهاء بغداد و الأمصار و علمائهم ثمانون رجلا، و خرجوا الي المدينة، و أتوا دار أبي عبدالله (عليه السلام) فدخلوها، و بسط لهم بساط أحمر، و خرج اليهم [29] عبدالله بن موسي، فجلس في صدر المجلس، و قام مناد فنادي: هذا ابن رسول الله (صلي الله عليه و آله)، فمن أراد السؤال فليسأل. فقام اليه رجل من القوم فقال له: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟ قال: طلقت ثلاث دون الجوزاء. فورد علي الشيعة ما زاد في غمهم و حزنهم.

ثم قام اليه رجل آخر فقال: ما تقول في رجل أتي بهيمة؟ قال: تقطع يده، و يجلد مائة جلدة، و ينفي. فضج الناس بالبكاء، و كان قد اجتمع فقهاء الأمصار. فهم في ذلك اذ فتح باب من صدر المجلس، و خرج موفق، ثم خرج أبوجعفر (عليه السلام) و عليه قميصان و ازار و عمامة بذؤابتين، احداهما من قدام، و الاخري من خلف؛ و نعل بقبالين [30] ، فجلس و أمسك الناس كلهم، ثم قام اليه صاحب المسألة الاولي، فقال: يا ابن رسول الله، ما تقول فيمن قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟

فقال له: يا هذا [31] ، اقرأ كتاب الله، قال الله (تبارك و تعالي): (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) [32] في الثالثة.

قال: فان عمك أفتاني بكيت وكيت.



[ صفحه 390]



فقال له: يا عم، اتق الله، و لا تفت و في الامة من هو أعلم منك.

فقام اليه صاحب المسألة الثانية، فقال له: يابن رسول الله، ما تقول في [33] رجل أتي بهيمة؟

فقال: يعزر و يحمي ظهر البهيمة، و تخرج من البلد، لا يبقي علي الرجل عارها.

فقال: ان عمك أفتاني بكيت وكيت. فالتفت و قال بأعلي صوته: لا اله الا الله، يا عبدالله، انه عظيم عندالله أن تقف غدا بين يدي الله فيقول لك: لم أفتيت عبادي بما لا تعلم و في الأمة من هو أعلم منك؟

فقال له عبدالله بن موسي: رأيت أخي الرضا (عليه السلام) و قد أجاب في هذه المسألة بهذا الجواب.

فقال له أبوجعفر (عليه السلام): انما سئل الرضا (عليه السلام) عن نباش نبش قبر امرأة ففجر بها، و أخذ ثيابها، فأمر بقطعه للسرقة، و جلده للزنا، و نفيه للمثلة [34] ، ففرح القوم. [35] .

344 / 4- قال أبوخداش المهري: [36] و كنت قد حضرت مجلس موسي (عليه السلام) [37] فأتاه رجل فقال له: جعلت فداك، ام ولد لي، و هي عندي صدوق، أرضعت جارية بلبن ابني، أيحرم علي نكاحها؟

قال أبوالحسن: لا رضاع بعد فطام.

فسأله عن الصلاة في الحرمين، فقال: ان شئت قصرت، و ان شئت أتممت.

قال له: فالخصي يدخل علي النساء؟ فأعرض بوجهه.

قال: فحججت بعد ذلك، فدخلت علي أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فسألته عن



[ صفحه 391]



المسائل، فأجابني بالجواب.

و قال: حضرت مجلس أبي جعفر (عليه السلام) في ذلك الوقت؟ قال: فقلت: جعلت فداك، ان ام ولد لي أرضعت جارية لي بلبن ابني، أيحرم علي نكاحها؟

فقال: لا رضاع بعد فطام.

قلت: الصلاة في الحرمين؟

قال: ان شئت قصرت، و ان شئت أتممت.

قال: قلت: الخادم يدخل علي النساء؟ فحول وجهه، ثم استدناني فقال: و ما نقص منه الا الواقعة عليه. [38] .

345 / 5 - ومكث أبوجعفر (عليه السلام) مستخفيا بالامامة، فلما صار له ست عشر سنة [39] وجه المأمون من حمله، و أنزله بالقرب من داره، و عزم علي تزويجه ابنته، واجتمعت بنوهاشم [40] و سألوه أن لا يفعل ذلك، فقال لهم: هو والله لأعلم بالله و رسوله و سنته و أحكامه من جميعكم، فخرجوا من عنده، و بعثوا الي يحيي بن أكثم، فسألوه الاحتيال علي أبي جعفر بمسألة في الفقه يلقيها عليه.

فلما اجتمعوا و حضر أبوجعفر (عليه السلام)، قالوا: يا أميرالمؤمنين، هذا يحيي بن أكثم، ان أذنت أن يسأل أباجعفر عن مسألة في الفقه، فينظر كيف فهمه. فأذن المأمون في ذلك، فقال يحيي لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في محرم قتل صيدا.

قال أبوجعفر (عليه السلام): في حل أو في حرم، عالما أو [41] جاهلا، عمدا أو خطأ، صغيرا أو كبيرا، حرا أو عبدا، مبتدئا أو معيدا [42] من ذوات الطير أو غيرها، من صغار الصيد أو من كبارها، مصرا أو نادما، رمي بالليل في وكرها أو بالنهار عيانا، محرما للعمرة أو الحج؟



[ صفحه 392]



فانقطع يحيي انقطاعا لم يخف علي أحد من أهل المجلس، و تحير الناس تعجبا من جوابه، و نشط [43] المأمون فقال: تخطب أباجعفر لنفسك؟ فقام (عليه السلام) فقال: الحمدلله منعم النعم برحمته، و الهادي لأفضاله بمنه، و صلي الله علي محمد [44] خير خلقه الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله، و جعل تراثه الي من خصه بخلافته، و سلم تسليما.

و هذا أميرالمؤمنين زوجني ابنته علي ما جعل الله للمسلمات علي المسلمين من امساك بمعروف، أو تسريح باحسان، و قد بذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله (صلي الله عليه و آله) لأزواجه خمسمائة درهم، و نحلتها من مالي مائة ألف درهم، زوجتني يا أميرالمؤمنين؟

فقال المأمون: الحمدلله اقرارا بنعمته، و لا اله الا الله اخلاصا لوحدانيته [45] ، و صلي الله علي محمد عبده و خيرته، و كان من فضل [46] ، الله علي الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال: (وأنكحوا الايامي منكم و الصالحين من عبادكم و امآئكم ان يكونوا فقرآء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) [47] ثم ان محمد ابن علي خطب ام الفضل بنت عبدالله، و بذل لها من الصداق خمسمائة درهم، و قد زوجته، فهل قبلت يا أباجعفر؟

قال أبوجعفر (عليه السلام): قد قبلت هذا التزويج، بهذا الصداق.

ثم أولم عليه المأمون فجاء الناس علي مراتبهم، فبينا نحن كذلك اذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين، فاذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة، مملوءة غالية، فصبغوا بها لحي الخاصة، ثم مدوها الي دار العامة فطيبوهم. فلما تفرق الناس قال المأمون: يا أباجعفر، ان رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب علي كل صنف من هذه



[ صفحه 393]



الأصناف التي ذكرت من جزاء الصيد.

فقال أبوجعفر (عليه السلام): ان المحرم اذا قتل صيدا في الحل، والصيد من ذوات الطير من كبارها، فعليه شاة. و اذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا.

و اذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم، و ليس عليه قيمته، لأنه ليس في الحرم. فاذا قتله في الحرم فعليه الحمل و قيمته.

و اذا كان من الوحش فعليه ان كان حمارا ذكرا، بدنة، وكذلك في النعامة؛ فان لم يقدر فاطعام ستين مسكينا، و ان لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما، و ان كان [48] بقرة فعليه بقرة، فان لم يقدر فاطعام ثلاثين مسكينا، فان لم يقدر فليصم تسعة أيام. و ان كان ظبيا فعليه شاة، فان لم يقدر فليصم تسعة أيام، فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيام. فان كان في الحرام فعليه الجزاء مضاعفا، هديا بالغ الكعبة، حقا واجبا عليه أن ينحره، ان كان في الحج، من حيث تنحر الناس.

و ان كان في عمرة ينحر في مكة و يتصدق بمثل ثمنه، حتي يكون مضاعفا.

و ان كان أصاب أرنبا فعليه شاة، و يتصدق، فاذا قتل الحمامة بعد الشاة يتصدق بدرهم، أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، و في الفرخ نصف درهم، وفي البيضة ربع درهم.

كل ما أتي به المحرم بجهالة أو خطأ فليس فيه شي ء، الا الصيد، فان فيه عليه الفداء بجهالة كان أو بعلم، بخطأ كان أو بعمد، و كذلك كل ما أتي به العبد، فكفارته علي صاحبه، مثل ما يلزم صاحبه، و كل ما أتي به [49] الصغير الذي ليس ببالغ، فلا شي ء عليه.

و ان كان ممن عاد فهو ممن ينتقم الله منه، و ليس عليه كفارة، والنقمة في الآخرة، فان دل علي الصيد و هو محرم فعليه الفداء، و المصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة



[ صفحه 394]



الآخرة، والنادم عليه لا شي ء [50] .

و ان أصاب الصيد ليلا في وكره خطأ فلا شي ء عليه حتي يتعمد، فاذا تصيد بليل أو نهار فعليه الفداء.

والمحرم للحج ينحر الفداء بمني حيث تنحر الناس، و المحرم للعمرة ينحر بمكة. فأمر المأمون أن يكتب ذلك عنه.

ثم دعا من أنكر عليه تزويجه، فقرأ ذلك عليه، ثم قال لهم: هل فيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب؟ قالوا: أنت كنت أعلم به منا، ثم أمر المأمون فنثر [51] علي أبي جعفر (عليه السلام) رقاع، فيها ضياع و طعم [52] و عمالات [53] ، ولم يزل مكرما لأبي جعفر (عليه السلام) بقية [54] حياته. [55] .


پاورقي

[1] و قيل: في العاشر من رجب، أو النصف منه. انظر: تاج المواليد: 128، اعلام الوري: 344، مناقب ابن شهرآشوب 379:4، كشف الغمة 343:2.

[2] تاريخ الأئمة: 13، الكافي 411:1، الارشاد: 316، مسار الشيعة: 43، تاريخ بغداد: 55:3، تاج المواليد: 128، اعلام الوري: 344، مناقب ابن شهرآشوب 379:4، تذكرة الخواص: 358، كفاية الطالب: 458، كشف الغمة 343:2 و 345، المستجاد: 500، الفصول المهمة: 266.

[3] في «ع، م»: زيادة: بن يحيي.

[4] في «ط»: ام أبي جعفر كتبت اليه جاريتك سبيكة.

[5] (ساعة كذا من) ليس في «ع، م».

[6] مدينة المعاجز: 515 / 1.

[7] في «م، ط»: سنيف.

[8] القافة: جمع قائف، و هو الذي يعرف الآثار و يلحق الولد بالوالد و الأخ بأخيه «مجمع البحرين - قوف - 110:5 «.

[9] في «ع، م»: اذهب.

[10] زاد في «ع»: أخوي و، وفي النوادر: أجدادي و.

[11] في «ط»: زيادة: و عدلا.

[12] الاحقاف 35:46.

[13] في «ع، ط»: الرجل.

[14] في «ع، م»: رسالاته، تضمين من سورة الأنعام 124:6.

[15] في «ع»: ولادها.

[16] في «ع»: ايمانها و اسلامها.

[17] في «ع، م»: يشكون.

[18] في «ع، م»: بقول.

[19] رجل زمن أي مبتلي، ذو عاهة «لسان العرب - زمن - 199:13 «.

[20] في «ع، م»: وامتسح سيفه.

[21] التوبة 80:9.

[22] الهداية الكبري: 295، نوادر المعجزات: 173، مناقب ابن شهرآشوب 387:4، حلية الأبرار 392:2.

[23] في «ع، م»: اثنين و ثمانين و مائة، و هو خطأ.

[24] محلة ببغداد، معروفة، «معجم البلدان 402:1«.

[25] في «ع»: يترجعون.

[26] في «ع»: ننشي، و في المدينة: تفشي، و في الاثبات: و الي من يقصد بالمسائل...

[27] في «ع»: المسائل الي هذا الصبي.

[28] في «ع»: مما يتعلق أو.

[29] (اليهم) ليس في «ع، م».

[30] القبال: زمام النعل، و هو السير الذي يكون بين الاصبعين «لسان العرب - قبل - 543:11«.

[31] في «ع، م»: ما هذا.

[32] البقرة 229:2.

[33] (ما تقول في) ليس في «ع، م».

[34] في «ع، م»: للمثلة، فالمت، و ظاهرا: للمثلة بالميت.

[35] اثبات الوصية: 186، مدينة المعاجز: 518.

[36] في «ع، م»: النهدي، و مهرة محلة بالبصرة، انظر رجال النجاشي: 228، رجال الكشي: 447، رجال الطوسي: 355 ، 408.

[37] في «ط»: مجلس الرضا علي بن موسي (عليه السلام).

[38] اثبات الوصية: 187.

[39] في اثبات الوصية: 188: الي أن صارت سنة عشر سنين، و في رواية: بعد أيام من شهادة أبيه (عليهماالسلام).

[40] كذا في النسخ و الصواب: بنوالعباس.

[41] في «ع»: أم في حرم أو عالما أم، وفي «م»: أو في حرم أو عالما أو.

[42] في «ع، م»: مقبلا.

[43] في «ع، م»: وقسط.

[44] (محمد) ليس في «ع، م».

[45] في «ع، م»: لعظمته.

[46] في «ع، م»: قضاء.

[47] النور 32:24.

[48] في «ع، م»: كانت.

[49] (العبد، فضارته... أتي به) ليس في «م، ط».

[50] في «ط»: عليه حتي.

[51] في «ط»: ثم دعا الناس و نثر.

[52] الطعم: المأكل والرزق «اقرب الموارد - طعم - 708:1 «.

[53] في «ط»: ضياع و عمالات و عقار و أطعمة.

[54] في «ط»: مكرما له مدة.

[55] اثبات الوصية: 188، قطعة منه في الارشاد: 319 و الاختصاص: 98، والاحتجاج: 443، و الثاقب في المناقب: 505 / 433.