بازگشت

في وروده الي بغداد و شهادته


قبض أبوجعفر الجواد عليه السلام مسموما ببغداد في آخر ذي القعدة سنة 220 عشرين و مائتين، و هو ابن خمس و عشرين سنة و دفن بمقابر قريش في ظهر جده موسي بن جعفر عليهماالسلام [1] .



[ صفحه 266]



و قيل: في سادس ذي الحجة سنة عشرين و مائتين [2] ، و يؤيد ذلك قوله عليه السلام: الفرج بعد المأمون بثلاثين شهرا [3] ، و قد توفي المأمون في رجب سنة ثمان عشرة و مائتين، و الله العالم.

و عن أبي الحسن الهادي عليه السلام في جواب من سأله عن فضل زيارة الحسين و زيارتهما عليهم السلام: أبوعبدالله عليه السلام المقدم، و هذا أجمع و أعظم أجرا [4] .

و كان سبب وروده بغداد، اشخاص المعتصم له من المدينة، فورد اليها لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين و مائتين [5] .

روي الشيخ المفيد عن اسماعيل بن مهران، قال: لما خرج أبوجعفر عليه السلام من المدينة الي بغداد في الدفعة الاولي من خرجته [6] ، قلت له عند خروجه: جعلت فداك اني أخاف عليك في هذا الوجه، فالي من الأمر بعدك؟ قال: فكر الي بوجهه ضاحكا، و قال لي: ليس حيث كما ظننت في هذه السنة، فلما استدعي به المعتصم صرت اليه، فقلت له: جعلت فداك أنت خارج فالي من هذا الأمر من بعدك؟ فبكي حتي اخضلت لحيته، ثم التفت الي فقال: عند هذه تخاف علي، الأمر من بعدي الي ابني علي [7] .

وروي أن زوجته ام الفضل سمته [8] .

و في البحار، عن تفسير العياشي، عن زرقان صاحب ابن أبي داود [9] .



[ صفحه 267]



و صديقه بشدة، قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتم، فقلت له: في ذلك، فقال: وددت اليوم أني قدمت منذ عشرين سنة، قال: قلت له: و لم ذاك؟

قال: لما كان من هذا الأسود، أبوجعفر محمد بن علي بن موسي اليوم بين يدي أميرالمؤمنين، قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟ قال: ان سارقا أقر علي نفسه بالسرقة، و سأل الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، و قد أحضر محمد بن علي عليهماالسلام، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟ قال: فقلت: من الكرسوع [10] .

قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قلت: لأن اليد هي الأصابع و الكف الي الكرسوع، لقول الله في التيمم: (فامسحوا بوجوهكم و أيديكم) [11] و اتفق معي في ذلك قوم.

و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: و ما الدليل علي ذلك؟ قالوا: لأن الله لما قال: (و ايديكم الي المرافق) [12] في الغسل دل ذلك علي أن حد اليد هو المرفق.

قال: فالتفت الي محمد بن علي عليهماالسلام قال [13] : ما تقول في هذا يا أباجعفر؟ فقال: قد تكلم القوم فيه يا أميرالمؤمنين، قال: دعني مما تكلموا به! أي شي ء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أميرالمؤمنين، قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت



[ صفحه 268]



بما عندك فيه.

فقال: أما اذ أقسمت علي بالله اني أقول أنهم أخطأوا فيه السنة، فان القطع يجب ان يكون من مفصل اصول الأصابع فيترك الكف، قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول الله: «السجود علي سبعة أعضاء: الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين»، فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال الله تبارك و تعالي: (و أن المساجد لله) [14] يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها: (فلا تدعوا مع الله احدا) [15] و ما كان لله لم يقطع.

قال: فأعجب المعتصم ذلك و أمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.

قال ابن أبي داود: قامت قيامتي و تمنيت أني لم أك حيا، قال زرقان: قال ابن أبي داود: صرت الي المعتصم بعد ثلاثة، فقلت: ان نصيحة أميرالمؤمنين علي واجبة و أنا اكلمه بما أعلم أني أدخل به النار، قال: و ما هو؟ قلت: اذا جمع أميرالمؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماءهم لأمر واقع من امور الدين، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، و قد حضر مجلسه أهل بيته و قواده و وزراؤه و كتابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلهم، لقول رجل يقول شطر هذه الامة بامامته، و يدعون أنه أولي منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء.

قال: فتغير لونه و انتبه لما نبهته له، و قال: جزاك الله عن نصيحتك خيرا، قال: فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه الي منزله، فدعاه فأبي أن يجيبه قال: قد علمت أني لا أحضر مجالسكم، فقال: اني انما أدعوك الي الطعام و أحب أن تطأ ثيابي، و تدخل منزلي فأتبرك بذلك، فقد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك، فصار اليه.



[ صفحه 269]



فلما طعم منها أحس السم فدعا بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم، قال: خروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك و ليله في حلقه [16] حتي قبض عليه السلام [17] .

و في اثبات الوصية، قال: لما انصرف أبوجعفر عليه السلام الي العراق لم يزل المعتصم و جعفر بن المأمون يدبران و يعملان الحيلة في قتله عليه السلام.

فقال جعفر لاخته ام الفضل: - و كانت لامه و أبيه - في ذلك؛ لأنه وقف علي انحرافها عنه و غيرتها عليه لتفضيله ام أبي الحسن ابنه عليها مع شدة محبتها له، و لأنها لم ترزق منه ولدا، فأجابت اخاها جعفرا و جعلوا سما في شي ء من عنب رازقي، و كان يعجبه العنب الرازقي، فلما أكل منه ندمت و جعلت تبكي، فقال لها: ما بكاؤك؟ و الله ليضربنك بفقر لا ينجي [18] ، و بلاء لا ينستر [19] ، فبليت بعلة في أغمض المواضع في جوارحها صار ناسورا ينتقض عليها في وقت، فانفقت مالها و جميع ملكها علي العلة، حتي احتاجت الي رفد الناس، و يروي أن الناسور كان في فرجها، و تردي جعفر بن المأمون في بئر فاخرج ميتا، و كان سكرانا [20] .


پاورقي

[1] الكافي: ج 1 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهماالسلام ص 492، و عنه البحار: ج 50 ص 1 ح 1 و 2.

[2] روضة الواعظين: ص 243، و عنه البحار: ج 5 ص 2 ح 2.

[3] البحار: ج 50 ص 64 قطعة من ح 40.

[4] عيون الأخبار: ج 2 باب 66 ص 261 ح 25.

[5] الارشاد للمفيد: ص 326، و فيه «سنة خمس و عشرين و مائتين».

[6] في المصدر: «خرجتيه».

[7] الارشاد للمفيد: ص 327.

[8] مروج الذهب: ج 3 ص 464، و الدر النظيم: الباب الحادي عشر فصل في ذكر وفاته «مخطوطة».

[9] أقول: الظاهر أن داود تصحيف، و الصحيح ابن دواد، فان الذي سعي في قتل أبي جعفر الجواد عليه السلام هو ابن أبي دواد، كسعاد اسمه: أحمد، و كان قاضيا في عهد المأمون و المعتصم و الواثق و المتوكل، و كان هذه السعاية سببا لأن ابتلي في آخر عمره بنكبة الزمان و الفلج، و توفي بعد ثكله بولده محمد بعشرين يوما سنة أربعين و مائتين ببغداد.



لدغته أفعاله أي لدغ

رب نفس أفعالها أفعاها



(انظر الكني و الألقاب: ج 1 ص 194).

[10] الكرسوع: طرف الزند الذي يلي الخنصر، و هو الناتي عند الرسغ، (انظر لسان العرب: مادة «كرسع» ج 2 ص 69).

[11] النساء: 43، و المائدة: 6.

[12] المائدة: 6.

[13] في المصدر: «فقال».

[14] الجن: 18.

[15] الجن: 18.

[16] في المصدر: «خلفة»، و الخلفة - بالكسر -: الهيضة و هي انطلاق البطن و القي ء.

[17] تفسير العياشي: ج 1 ص 319 ح 109، و عنه البحار: ج 50 ص 5 ح 7.

[18] «لا ينجبر» ظ.

[19] «لا يستتر» ظ.

[20] اثبات الوصية: ص 192.