بازگشت

نفقات المأمون في زواجه


وكان من مظاهر ذلك الاسراف والبذخ والتصرف الظالم في أموال المسلمين ما انفقه المأمون من الأموال الطائلة المذهلة في زواجه بالسيّدة بوران فقد أمهرها ألف ألف دينار، وشرط عليه أبوها الحسن بن سهل أن يبني بها في قريته الواقعة بفم الصلح فأجابه إلي ذلك، ولمّا أراد الزواج سافر إلي فم الصلح ونثر علي العسكر الذي كان معه ألف ألف دينار وكان معه في سفره ثلاثون ألفاً من الغلمان الصغار والخدم الصغار والكبار وسبعة آلاف جارية... وعرض العسكر الذي كان معه فكان اربعمائة ألف فارس، وثلثمائة ألف راجل.. وكان الحسن بن سهل يذبح لضيوفه ثلاثين ألف رأس من الغنم، ومثليها من الدجاج، واربعمائة بقرة، وأربعمائة جمل وسمّي الناس هذه الدعوة «دعوة الإسلام» وهو ليس من الإسلام في شيء، فإنّ الإسلام احتاط كأشدّ ما يكون الاحتياط في بيت مال المسلمين فحرم انفاق أي شيء في غير صالحهم.



[ صفحه 109]



وحينما بني المأمون ببوران نثروا من سطح دار الحسن بن سهل بنادق عنبر فاستخفّ بها الناس، وزهدوا فيها، ونادي شخص من السطح قائلاً: كلّ من وقعت بيده بندقة فليكسرها فإنّه يجد فيها رقعة، وما فيها له وكسر الناس البنادق فوجدوا فيها رقاعاً في بعضها تحويل بألف دينار وفي اُخري خمسمائة دينار إلي أن تصل إلي المائة دينار، وفي بعضها عشرة أثواب من الديباج، وفي بعضها خمسة أثواب، وفي بعضهاغلام، وفي بعضها جارية، وحمل كلّ من وقعت بيده رقعة إلي الديوان واستلم ما فيها [1] كما أنفق علي قادة الجيش فقط خمسين ألف ألف درهم [2] .

وفي ساعة الزفاف اُجلست بوران علي حصير منسوج من الذهب ودخل عليها المأمون ومعه عمّاته وجمهرة من العبّاسيّات فنثر الحسن بن سهل علي المأمون وزوجته ثلثمائة لؤلؤة وزن كلّ واحدة مثقال، وما مدّ أحد يده لالتقاطها، وأمر المأمون عمّاته بالتقاطها، ومدّ يده فأخذ واحدة منها «فالتقطتها العبّاسيّات».

لقد أنفق الحسن والمأمون هذه الأموال الطائلة علي هذا الزواج من بيت مال المسلمين، وقد أمر الله بانفاقه علي مكافحة الفقر ومطاردة البؤس والحرمان.


پاورقي

[1] تاريخ الطبري: 7 / 149، وابن الأثير: 4 / 206.

[2] تزيين الأسواق للأنطاكي 3 / 117.