بازگشت

الوزارة


من الأجهزة الحساسة في الدولة العباسية هي الوزارة، فكانت ـ علي الأكثر ـ وزارة تفويض، فكان الخليفة يعهد إلي الوزير بالتصرف في جميع شؤون دولته ويتفرغ هو للّهو والعبث والمجون، فقد استوزر المهدي العباسي يعقوب بن داود، وفوّض إليه جميع شؤون رعيّته وانصرف إلي ملذّاته.

واستوزر الرشيد يحيي بن خالد البرمكي ومنحه جميع الصلاحيات واتجه



[ صفحه 103]



نحو ملاذّه وشهواته فكانت لياليه الحمراء في بغداد شاهدة علي ذلك.

وتصرّف يحيي في شؤون الدولة الواسعة الأطراف حسب رغباته، فقد أنفق الأموال الطائلة علي الشعراء المادحين له، واتخذ من العمارات والضِياع التي كانت تدرّ عليه بالملايين، الكثير الكثير وهي التي سببت قيام هارون الرشيد باعتقاله، وقتل ابنه جعفر ومصادرة جميع أموالهم.

وفي عهد المأمون أطلق يد وزيره الفضل بن سهل في اُمور الدولة فتصرّف فيها كيفما شاء، وكان الوزير يكتسب الثراء الفاحش بما يقترفه من النهب والرشوات، وقد عانت الاُمّة من ضروب المحن والبلاء في عهدهم مما لا يوصف فكانوا الأداة الضاربة للشعب، فقد استخدمتهم الملوك لنهب ثروات الناس واذلالهم وارغامهم علي ما يكرهون.

وكان الوزراء معرّضين للسخط والانتقام وذلك لما يقترفونه من الظلم والجور، وقد نصح دعبل الخزاعي الفضلَ بن مروان أحد وزراء العباسيين فأوصاه باسداء المعروف والاحسان إلي الناس، وقد ضرب له مثلاً بثلاثة وزراء ممّن شاركوه في الاسم وسبقوه إلي كرسي الحكم، وهم الفضل بن يحيي، والفضل بن الربيع، والفضل بن سهل، فانّهم لمّا جاروا في الحكم تعرّضوا إلي النقمة والسخط.

ومن غرائب ما اقترفه الوزراء من الخيانة انّ الخاقاني وزير المقتدر بالله العباسي ولّي في يوم واحد تسعة عشر ناظراً للكوفة وأخذ من كلّ واحد رشوة [1] الي غير ذلك من هذه الفضائح والمنكرات الكثيرة عند بعض وزراء العباسيين [2] .



[ صفحه 104]




پاورقي

[1] تاريخ التمدّن الإسلامي: 4 / 182.

[2] راجع حياة الإمام محمد الجواد (عليه السلام): 188 ـ 192.