بازگشت

الإحسان إلي الناس


أمّا الإحسان إلي الناس والبرّ بهم فإنّه من سجايا الإمام الجواد ومن أبرز صفاته، وقد سجل التاريخ قصصاً كثيرة من إحسانه منها:

ما رواه أحمد بن زكريا الصيدلاني عن رجل من بني حنيفة من أهالي بست وسجستان [1] قال: رافقت أبا جعفر في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم فقلت له: وأنا علي المائدة: إنّ والينا جعلت فداك يتولاكم أهل البيت يحبّكم وعليَّ في ديوانه خراج، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إليّ، فقال (عليه السلام): لا أعرفه، فقلت: جعلت فداك انّه علي ما قلت: من محبيّكم أهل البيت(عليهم السلام)، وكتابك ينفعني واستجاب له الإمام فكتب إليه بعد البسملة:

«أمّا بعد: فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً، وإنّ ما لك من عملك إلاّ ما أحسنت فيه، فأحسن إلي اخوانك و اعلم أنّ الله عزّوجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل..» [2] .

ولما ورد إلي سجستان عرف الوالي وهو الحسين بن عبدالله النيسابوري انّ الإمام قد أرسل إليه رسالة فاستقبله من مسافة فرسخين، وأخذ الكتاب فقبّله،



[ صفحه 47]



واعتبر ذلك شرفاً له، وسأله عن حاجته فأخبره بها، فقال له: لا تؤدِّ لي خراجاً ما دام لي عمل، ثمّ سأله عن عياله فأخبره بعددهم فأمر له ولهم بصلة، وظلّ الرجل لا يؤدّي الخراج ما دام الوالي حيّاً، كما انّه لم يقطع صلته عنه [3] كلّ ذلك ببركة الإمام ولطفه.


پاورقي

[1] قال محمّد بن بحر الرهني: سجستان: إحدي بلدان المشرق، لم تزل لفاحاً علي الضيم ممتنعة من الهضم منفردة بمحاسن، متوحَدة بمآثر لم تعرف لغيرها من البلدان، ما في الدنيا سوقة أصحّ منهم معاملة، ولا أقلّ منهم مخاتلة، وأضاف في تعداد مآثرها أنّه لُعن عليّ بن أبي طالب علي منابر الشرق والغرب، ولم يلعن علي منابرها إلاّ مرّة، وامتنعوا علي بني اُميّة حتي زادوا في عهدهم أن لا يلعن علي منبرهم أحد.. وأي شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول الله (صلي الله عليه وآله) علي منبرهم، وهو يلعن علي منابر الحرمين مكّة والمدينة؟ ـ معجم البلدان: 3 / 190 ـ 191.

[2] بحار الأنوار: 50 / 86.

[3] بحار الأنوار: 12 / 129.