بازگشت

اكمال الأدوات والمنهج العلمي


تشكّل القواعد الاُصولية جزءً من المنهج العام لفهم الشريعة واستنباط أحكامها. ونوجز منهجه (عليه السلام) فيمايلي:

أ ـ عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر القرآن إلاّ بعد معرفة تفسيرها من الأئمّة (عليهم السلام).

فقد روي في الكافي عن الإمام الجواد(عليه السلام) أنه قد روي عن أبي عبدالله الصادق(عليه السلام) أنّ رجلاً سأل أباه محمّد الباقر(عليه السلام) عن مسائل، فكان ممّا دار بينهما أن قال: «قل لهم: هل كان فيما أظهر رسول الله (صلي الله عليه وآله) من علم الله ـ عزّ ذكره ـ اختلاف؟ فإن قالوا لا، فقل لهم: فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف، فهل خالف رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ فيقولون: نعم، فإن قالوا: لا ; فقد نقضوا أوّل كلامهم ; فقل لهم: ما يعلم تأويله إلاّ الله والرّاسخون في العلم. فإن قالوا: من الرّاسخون في العلم؟ فقل: من لا يختلف في علمه. فإن قالوا: فمن هو ذاك؟ فقل: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) صاحب ذلك ـ إلي أن قال ـ: وإن كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) لم يستخلف في علمه أحداً فقد ضيّع من في أصلاب الرّجال ممّن يكون بعده.

قال أيضاً: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلي، إن وجدوا له مفسّراً.

قال: وما فسّره رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ قال: بلي قد فسّره لرجل واحد، وفسّر للاُمّة شأن ذلك الرجل، وهو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)» [1] .



[ صفحه 177]



وقال(عليه السلام) أيضاً: «والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد ; فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه من حكم الله عزّوجلّ ; ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأي أنّه مصيب، فقد حكم بحكم الطاغوت» [2] .

ب ـ وجوب العمل بأحاديث الأئمّة (عليهم السلام) المنقولة في الكتب المعتمدة.

فقد جاء في الكافي أيضاً عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد شنبولة، أنّه قال: «قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): جعلت فداك، إنّ مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) وكانت التقيّة شديدة، فكتموا كتبهم، ولم ترو عنهم، فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا.

فقال (عليه السلام): «حدّثوا بها، فإنّها حقّ» [3] .

ج ـ جواز العمل بقول من أجازه الإمام (عليه السلام) في العمل برأيه.

فقد جاء في رجال الكشّي: عن خيران الخادم أنّه قال: «وجّهت إلي سيّدي [4] ثمانية دراهم ـ في حديث ـ وقال:

قلت: جعلت فداك، إنّه ربّما أتاني الرجل لك قبله الحقّ، أو يعرف موضع الحقّ لك، فيسألني عمّا يعمل به، فيكون مذهبي أخذ ما يتبرّع في سرّ؟

قال: اعمل في ذلك برأيك، فإنّ رأيك رأيي، ومن أطاعك فقد أطاعني» [5] .

د ـ عدم جواز الافتاء من دون علم

فقد مرّ أنه حينما توفي الإمام الرضا (عليه السلام) كان عمر أبي جعفر (عليه السلام) حينذاك سبع سنين، فاختلفت كلمة الشيعة حوله ببغداد والأمصار فاجتمع وجهاء الشيعة



[ صفحه 178]



وفقهاؤهم في الموسم ليشاهدوا أبا جعفر (عليه السلام) فوجدوا في دار جعفر الصادق(عليه السلام) عبد الله بن موسي قد جلس في صدر المجلس وكان يُسأل فيجيب بأجوبة دعتهم الي الحيرة فاضطربوا وهمّوا بالانصراف، واذا بموفّق الخادم يدخل عليهم مع أبي جعفر (عليه السلام) فقاموا اليه بأجمعهم واستقبلوه وسلّموا عليه ثم جلس وبدأوا بالسؤال فكان يجيب علي أسئلتهم بالحق. ففرحوا ودعوا له وأثنوا عليه وقالوا له: إن عمّك عبد الله أفتي بكيت وكيت فقال (عليه السلام):

لا إله إلاّ الله! ياعمّ! إنّه عظيم عند الله أن تقف غداً بين يديه فيقول لك: لِمَ تفتي عبادي بما لم تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك؟!» [6] .


پاورقي

[1] اُصول الكافي: 1 / 245.

[2] اُصول الكافي: 1 / 248.

[3] اصول الكافي: 1 / 53 ح 15، عنه الوسائل: 18 / 58 / 27.

[4] المراد بسيّده هنا إمّا الإمام الرضا، أو الإمام الجواد، أو الإمام الهادي (عليهم السلام) لأنّه خدمهم ثلاثتهم(عليهم السلام)، والمرسل إليه يحتمل الثلاثة.

[5] رجال الكشي: 610 ح 1134، وزاد فيه: قال أبو عمرو: هذا يدل علي أنّه كان وكيله، ولخيران هذا مسائل يرويها عنه، وعن أبي الحسن (عليهما السلام)، عنه في الوسائل: 12 / 216 / ح 6.

[6] بحار الأنوار: 50 / 99.