بازگشت

الإمام والدعوة الي التوحيد الخالص


التوحيد اساس العقيدة الاسلامية، وسلامة تصورات المسلم عن الله تعالي هي الركيزة الجوهرية التي تستند عليها باقي المفردات العقيدية، من هنا كان الإمام(عليه السلام) يُعني عناية شديدة بإيضاح هذا الاساس وتجليته، وفي المحاضرة التي ألقاها علي داود بن القاسم الجعفري دليل علي ما قلناه.

فقد قال الجعفري: «قلت لأبي جعفر الثاني(عليه السلام): (قل هو الله أحد)، ما معني: الأحد؟

قال: المجمع عليه بالوحدانية، أما سمعته يقول: (ولئن سألتهم من خلق



[ صفحه 172]



السماوات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله) [1] ، ثم يقولون بعد ذلك: له شريك وصاحبة.

فقلت: قوله: (لا تدركه الأبصار) [2] .

قال: ياأبا هاشم! اوهام القلوب أدقّ من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند، والبلدان التي لم تدخلها، ولم تدرك ببصرك ذلك، فأوهام القلوب لا تدركه، فكيف تدركه الأبصار؟!

وسئل (عليه السلام): أيجوز ان يقال لله: انه شيء؟

فقال: نعم، تخرجه من الحدّين: حدّ التعطيل وحدّ التشبيه [3] [4] .

وعن أبي هاشم الجعفري، قال: «كنت عند أبي جعفر الثاني(عليه السلام) فسأله رجل، فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالي له اسماء وصفات في كتابه؟ وأسماؤه وصفاته هي هو؟

فقال أبو جعفر(عليه السلام): «ان لهذا الكلام وجهين: إن كنت تقول: هي هو، اي انه ذو عدد وكثرة، فتعالي الله عن ذلك. وان كنت تقول: هذه الصفات والأسماء لم تزل، فإنّ «لم تزل» محتمل معنيين: فان قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها، فنعم، وان كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله ان يكون معه شيء غيره. بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها اليه ويعبدونه وهي ذكره، وكان الله ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل.

والاسماء والصفات مخلوقات، والمعاني والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف، وانما يختلف ويأتلف المتجزئ فلا يقال: الله مؤتلف،



[ صفحه 173]



ولا الله قليل ولاكثير، ولكنه القديم في ذاته، لأن ما سوي الواحد متجزئ، والله واحد لا متجزئ، ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ او متوهم بالقلة والكثرة، فهو مخلوق دالّ علي خالق له.

فقولك: ان الله قدير خبّرت انه لا يعجزه شيء، فنفيت بالكلمة العجز وجعلتالعجز سواه.

وكذلك قولك: عالم انما نفيت بالكلمة الجهل، وجعلت الجهل سواه، واذا أفني الله الاشياء أفني الصورة والهجاء والتقطيع، ولا يزال من لم يزل عالماً.

فقال الرجل: فكيف سمّينا ربنا سميعاً؟

فقال: لانه لا يخفي عليه ما يدرك بالاسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس.

وكذلك سمّيناه بصيراً لانه لا يخفي عليه ما يدرك بالأبصار، من لون او شخص او غير ذلك، ولم نصفه ببصر لحظة العين.

وكذلك سمّيناه لطيفاً لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأخفي من ذلك، وموضع النشوء منها، والعقل والشهوة للفساد والحدب علي نسلها وإقام بعضها علي بعض، ونقلها الطعام والشراب الي اولادها في الجبال والمفاوز والاودية والقفار، فعلمنا ان خالقها لطيف بلا كيف، وانما الكيفية للمخلوق المكيّف.

وكذلك قويّاً لا بقوة البطش المعروف من المخلوق، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصاً كان غير قديم، وما كان غير قديم كان عاجزاً.

فربّنا تبارك وتعالي لا شبه له ولا ضدّ ولا ندّ ولاكيف ولانهايةولا تبصار بصر، ومحرّم علي القلوب أن تمثّله، وعلي الأوهام ان تحدّه، وعلي الضمائر ان تكوّنه، جلّ وعز عن أداة خلقه وسمات بريّته، وتعالي عن ذلك علوّاً كبيراً». [5] .



[ صفحه 174]




پاورقي

[1] العنكبوت (29): 61.

[2] الانعام (6): 103.

[3] حد التعطيل هو عدم اثبات الوجود، والصفات الكمالية والفعلية والاضافية له تعالي، وحد التشبيه الحكم والاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات.

[4] مستدرك عوالم العلوم: 23 / 353 ـ 354.

[5] مستدرك عوالم العلوم: 23 / 354 ـ 356.