بازگشت

الإمام الجواد والتوجه الي هموم أبناء الامة الإسلامية


اهتمّ الإمام الجواد (عليه السلام) بخدمة الناس وبدعوتهم الي الاسلام المحمدي الاصيل وكسبهم الي اهل البيت (عليهم السلام)، ومن امثلة ذلك:

1 ـ لمّا انصرف أبو جعفر (عليه السلام) من عند المأمون ببغداد ومعه اُم الفضل إلي المدينة، صار إلي شارع باب الكوفة والناس يشيّعونه فانتهي الي دار المسيّب عند مغيب الشمس، فنزل ودخل المسجد، وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد، فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في اصل النبقة وقام وصلّي بالناس صلاة المغرب، فقرأ في الاُولي «الحمد» و «اذا جاء نصر الله» وفي الثانية «الحمد» و «قل هو الله أحد» وقنت قبل الركوع، وجلس بعد التسليم هنيئة يذكر الله تعالي، وقام من غير تعقيب فصلّي النوافل أربع ركعات، وعقّب بعدها، وسجد سجدتي الشكر ثم خرج، فلمّا انتهي الي النبقة رآها الناس وقد حملت حملاً كثيراً حسناً، فتعجبوا من ذلك، فأكلوا منها فوجدوه نبقاً حلواً لا عجم له، ومضي (عليه السلام) الي المدينة [1] .

لقد قدّم الإمام الجواد (عليه السلام) للناس الدليل علي إمامته (عليه السلام) بالاُمور المحسوسة.

علاوة علي ذلك فإنّ اهتمام الإمام (عليه السلام) بخدمة الناس يعكس أهميّة هذا الأمر وفضله في الإسلام كما يكشف عن توجّهه (عليه السلام) لكسبهم بطريقة عملية وهدايتهم لاختيار منهج أهل البيت (عليهم السلام)، ونقتصر علي بعض الأمثلة في هذا الصدد.



[ صفحه 165]



2 ـ روي عن الشيخ أبي بكر بن اسماعيل أنه قال: «قلت لابي جعفر ابن الرضا(عليه السلام): ان لي جارية تشتكي من ريح بها، فقال: ائتني بها فأتيت بها فقال: ما تشتكين ياجارية؟ قالت: ريحاً في ركبتي، فمسح يده علي ركبتها من وراء الثياب فخرجت الجارية من عنده ولم تشتك وجعاً بعد ذلك» [2] .

3 ـ وروي عن محمد بن عمير بن واقد الرازي أنه قال: «دخلت علي أبي جعفر ابن الرضا (عليه السلام) ومعي أخي به بهر شديد فشكي اليه ذلك البهر [3] ، فقال (عليه السلام): عافاك الله ممّا تشكو، فخرجنا من عنده وقد عوفي فما عاد إليه ذلك البهر إلي أن مات.

4 ـ قال محمد بن عمير: «وكان يصيبني وجع في خاصرتي في كل اسبوع فيشتد ذلك الوجع بي أيّاماً وسألته ان يدعو لي بزواله عنّي، فقال: وأنت فعافاك الله فما عاد الي هذه الغاية». [4] .

5 ـ وروي عن علي بن جرير قال: «كنت عند أبي جعفر ابن الرضا (عليه السلام) جالساً وقد ذهبت شاة لمولاة له فأخذوا بعض الجيران يجرّونهم اليه ويقولون: انتم سرقتم الشاة.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): ويلكم خلّوا عن جيراننا فلم يسرقوا شاتكم، الشاة في دار فلان»، فاذهبوا فأخرجوها من داره، فخرجوا فوجدوها في داره، واخذوا الرجل وضربوه وخرقوا ثيابه، وهو يحلف انه لم يسرق هذه الشاة، الي ان صاروا الي أبي جعفر (عليه السلام) فقال: «ويحكم ظلمتم الرجل فانّ الشاة دخلت داره وهو لا يعلم بها،



[ صفحه 166]



فدعاه فوهب له شيئاً بدل ما خرق من ثيابه وضربه» [5] .

6 ـ وروي عن القاسم بن الحسن، أنّه قال: «كنت فيما بين مكة والمدينة فمرّ بي أعرابي ضعيف الحال فسألني شيئاً فرحمته، فأخرجت له رغيفاً فناولته إيّاه فلمّا مضي عنّي هبّت ريح زوبعة، فذهبت بعمامتي من رأسي فلم أرها كيف ذهبت ولا أين مرّت، فلمّا دخلت المدينة صرت الي أبي جعفر ابن الرضا (عليه السلام) فقال لي: «ياأبا القاسم ذهبت عمامتك في الطريق؟ قلت: نعم، فقال: ياغلام أخرج اليه عمامته، فأخرج اليّ عمامتي بعينها، قلت: يا ابن رسول الله كيف صارت اليك؟ قال: تصدّقتَ علي أعرابي فشكره الله لك، فردّ إليك عمامتك، وانّ الله لا يضيع أجر المحسنين» [6] .

إنّ هذه الأعمال تدلّ علي الأهمية الكبيرة التي كان يمنحها أهل البيت (عليهم السلام) لخدمة الناس. ولا يخفي علي الناظر المتأمل ما تتركه مثل هذه الأعمال من أثر كبير علي الناس باعتبار أنّ لغة العمل هي اللغة الاوضح عند الناس الإمام الجواد (عليه السلام) ومتطلّبات الجماعة الصالحة

والأشد تأثيراً عليهم كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في كلمته المعروفة عنه: «كونوا دعاة الناس بغير ألسنتكم».



[ صفحه 167]




پاورقي

[1] إعلام الوري بأعلام الهدي: 2 / 105 ـ 106.

[2] بحار الانوار: 50 / 46 ـ 47.

[3] البُهرة بالضم تتابع النفس.

[4] مستدرك عوالم العلوم: 50 / 47.

[5] مستدرك عوالم العلوم: 50 / 47.

[6] مستدرك عوالم العلوم: 47 ـ 48.