بازگشت

متطلبات عصر الإمام الجواد


بعد أن وقفنا في الفصلين السابقين علي ملامح عصر الإمام الجواد(عليه السلام) وطبيعة تعامل الحكّام مع الإمام(عليه السلام) وخطّه الرسالي والجماعة الصالحة التي تقف الي جانب الإمام الحق الذي تمثّل مسيرته خطّ الهداية الربّانية للبشرية.. لابدّ أن نقف في هذا الفصل علي مجمل متطلّبات عصر الإمام الجواد(عليه السلام) الخاص بظروفه ومستجداته الثقافية والسياسية والاجتماعية من خلال مجموعة المهام الرسالية التي جُعلت في الشريعة الإسلامية علي عاتق أهل البيت(عليهم السلام) بشكل عام وعلي عاتق (التاسع منهم) الإمام الجواد بشكل خاص.

وذلك لأن أهل البيت(عليهم السلام) هم أهل بيت النبوّة والرسالة الذين ربّاهم الرسول(صلي الله عليه وآله) بيديه الكريمتين وجعلهم الدرع الحصينة التي تقي الرسالة من أن يتلاعب بها الحكّام ووعّاظ السلاطين بعد رسول الله(صلي الله عليه وآله)، كما أنها تقي الاُمة الإسلامية من السقوط والتردّي الي المهوي السحيق، بعد أن أصبحت الاُمة الإسلامية هي الاُمة الحية التي لابدّ لها أن تحمل مشعل الحضارة الإسلامية والربّانية الي العالم أجمع، وقد مُنيت بصدمة كبيرة تمثّلت في الانحراف الذي طال القيادة السياسية والذي أخذ يستشري في سائر مجالات الحياة الإسلامية.



[ صفحه 144]



والإمام الجواد(عليه السلام) في عصره الخاص أمام مجموعة من الإنجازات التي حققها آباؤه الطاهرون في هذين الحقلين المهمّين، كما أنّه أمام مستجدات ومتغيّرات في الوضع السياسي والاجتماعي والديني بعد أن سمحت الدولة الإسلامية للتيارات المنحرفة لتعمل بحرّية في الساحة الإسلامية وذلك لأن الحكام المنحرفين قد استهدفوا إضعاف جبهة أهل البيت الرسالية دون مواجهة علنية سافرة.

والإمام الجواد(عليه السلام) لابدّ أن يوازن ويوائم بين المهامّ والمسؤوليات الرسالية من جهة، والامكانات وما يمكن تحقيقه في هذا الظرف الخاص من جهة اُخري للاقتراب من الأهداف الكبري والنهائية التي رسمتها له الشريعة وصاحبها وجعلت منه قيّماً رسالياً وقائداً ربّانياً قد نذر نفسه لله تعالي ولرسالته الخالدة.

من هنا يتّضح لنا ما يتطلبه العصر الخاص بالإمام الجواد(عليه السلام) وما ينبغي أن يقوم به من دور فاعل في الساحة الإسلامية وما يحققه من انجازات خاصة بالجماعة الصالحة.

إذاً نقسّم البحث عن هذه المتطلّبات الي بحثين أساسييّن:

الأوّل: متطلّبات الساحة الإسلامية العامة.

الثاني: متطلّبات الجماعة الصالحة.

أما متطلّبات الساحة الإسلامية العامّة فتتلخّص فيما يلي:

1 ـ إثبات جدارة خط أهل البيت(عليهم السلام) للقيادة الرسالية لجمهور المسلمين وجدارة الإمام الجواد(عليه السلام) بشكل خاص لمنصب القيادة الربّانية.

2 ـ الردّ علي محاولات التسقيط والاستفزاز التي كان يقوم بها الخطّ الحاكم ضد أهل البيت(عليهم السلام) وأتباعهم.



[ صفحه 145]



3 ـ التمهيد العام لدولة الحق المرتقبة رغم محاولات السلطة للقضاء علي قضية الإمام المهدي(عليه السلام) بأشكال شتي.

4 ـ مواجهة الانحرافات والبدع والتيارات المنحرفة في الساحة الإسلامية.

5 ـ التوجّه الي هموم أبناء الاُمة الإسلامية.

وأما متطلّبات الخط الرسالي والجماعة الصالحة فهي كما يلي:

1 ـ تجسيد ظاهرة الإمامة المبكّرة، من خلال تخطي القوانين الطبيعية.

2 ـ تعميق البناء الثقافي والروحي والتربوي للجماعة الصالحة.

3 ـ إحكام تنظيم الجماعة الصالحة واعدادها لدور الغيبة الطويلة.

4 ـ التمهيد لإمامة الهادي المبكّرة رغم الظروف الحرجة.

5 ـ التمهيد للإمام الغائب المنتظر بما يتناسب مع حراجة الظرف والاعداد الفكريوالروحي لعصر الغيبة المرتقب إعداداً يتناسب مع صعوبات الظرف الخاص.

وسوف نقدم البحث عن متطلّبات الساحة الإسلامية العامة في هذا الفصل، ونرجئ البحث عن متطلبات الجماعة الصالحة الي فصول لاحقة ان شاء الله تعالي.



[ صفحه 149]