بازگشت

ابراهيم بن محمد بن عيسي


بن محمد العريضي، روي الشيخ الطوسي في (التهذيب) بسنده عن العباس بن الوليد بن العباس المنصوري، قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن عيسي بن محمد العريضي قال: حدثنا أبوجعفر [الجواد] (عليه السلام) ذات يوم قال: اذا صرت الي قبر جدتك فاطمة (عليهاالسلام) فقل:

«يا ممتحنة، امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك، فوجدك لما امتحنك صابرة، و زعمنا أنا لك أولياء، و مصدقون لكل ما أتانا به أبوك (صلي الله عليه و آله و سلم) و أتانا به وصيه (عليه السلام).

فانا نسألك ان كنا صدقناك الا ألحقتنا بتصديقنا لهما بالبشري،



[ صفحه 118]



لنبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا بولايتك». [1] .

أقول: و تروي هذه الزيارة بكيفية أخري، و لعلها الأصح:

«السلام عليك يا ممتحنة، امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك و كنت لما امتحنك به صابرة، و نحن لك أولياء مصدقون، و لكل ما أتي به أبوك (صلي الله عليه و آله و سلم) و أتي به وصيه (عليه السلام) مسلمون.

و نحن نسألك - اللهم - اذ كنا مصدقين لهم أن تلحقنا بتصديقنا بالدرجة العالية، لنبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا بولايتهم (عليهم السلام).» [2] .

أقول: كلمات هذه الزيارة لا تخلو من شي ء من الابهام و الغموض و هذا صار سببا لتهريج بعض الجهال، و تزييفهم لهذه الزيارة، قائلين: كيف يمكن أن يمتحن الله تعالي أحدا قبل أن يخلقه؟.

و هم يجهلون معاني الامتحان و الخلق (في اللغة).

و الضرورة تفرض علينا أن نطيل الكلام حول بعض كلمات هذه الزيارة توضيحا لها، و دفعا لأقاويل أهل الباطل، فنقول:

لقد ذكر اللغويون - للامتحان - معنيين:

1- الاختبار، و هو المعني المشهور من كلمة (الامتحان).

2- التخليص و التصفية، يقال: «امتحن الصائغ الفضة» اذا



[ صفحه 119]



صفاها، و خلصها بالنار، قال تعالي: (امتحن الله قلوبهم للتقوي) أي صفاها و هذبها، و التهذيب: التنقية.

اذن معني «ممتحنة»: المصفاة، و المخلصة من كل شائبة، و «امتحنك الله» أي صفاك و خلصك «قبل أن يخلقك» و أما معني الخلق:

فقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم بمعاني عديدة، و نختار منها هذه الآيات:

1- (و لقد خلقناكم ثم صورناكم، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم). [3] .

2- (و لقد خلقنا الانسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاما). [4] .

فالمستفاد من ظاهر الآية الأولي، أن الله تعالي خلق البشر كلهم، و صورهم كل واحد منهم له صورة يتميز بها عن غيره، لما خلق آدم أباالبشر.

و أما القسم الثاني من الآيات، فهي تذكر مبدأ تكون نطفة البشر من الطعام المتكون من نبات الأرض، و التطورات التي طرأت علي البشر من نطفة الي علقة الي مضغة الي عظام.. الخ.

فهنا خلقان: الخلق الأول حين خلق آدم، و هو المسمي بعالم الذر.

الخلق الثاني: هو الذي حصل في عالم المادة، و هو هذا العالم



[ صفحه 120]



الذي نعيش فيه.

فيكون المعني - والله العالم -: ان الله خلقك مصفاة و مخلصة من كل شائبة في عالم الذر، قبل أن يخلقك في هذا العالم و هو عالم المادة.

و قد وردت أحاديث كثيرة في مبدا خلق النبي و أهل بيته (عليهم السلام) و طينتهم و أرواحهم، كقول الامام الباقر (عليه السلام): «ان الله خلق محمدا و آل محمد من طينة عليين، و خلق قلوبهم من طينة فوق ذلك.. الخ.» [5] .

و قوله (عليه السلام): ان الله خلقنا من أعلي عليين.. الخ. [6] .

و كقول الامام الصادق (عليه السلام): ان الله خلقنا من عليين، و خلق أرواحنا من فوق ذلك.. الخ. [7] .

و غير ذلك من الأحاديث المتواترة المفصلة حول الطينة و الميثاق و غير ذلك.

اذن، فلا تناقض في عبارة الزيارة، و لا تنافي، و لا اضطراب.


پاورقي

[1] التهذيب ج 6 حديث 19.

[2] جمال الأسبوع لابن طاووس / 32.

[3] سورة الأعراف؛ آية: 10.

[4] سورة المؤمنون؛ الآيات: 14 - 12.

[5] البحار ج 25 / 8.

[6] الكافي ج 1 / 390.

[7] الكافي ج 1 / 389.