بازگشت

محمد بن الحسين بن ابي الخطاب الزيات الهمداني


كنيته: ابوجعفر

عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهم السلام) له مؤلفات كثيرة في التوحيد و البداء، و الامامة، و وصايا الأئمة، و النوادر، و الرد عي أهل القدر، و هو من الثقاة، عظيم القدر، كثير الرواية.

و يروي المجلسي في البحار عن العياشي عن زرقان - و هو لقب محمد بن الحسين الزيات كما احتمله بعض الأعلام - و الرواية هكذا:

عن زرقان - صاحب ابن ابي داؤد و صديقه بشدة - قال:

رجع ابن ابي داؤد ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتم، فقلت له في ذلك؟

فقال: وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة.

قلت له: و لم ذاك؟

قال: لما كان من هذا الأسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسي اليوم، بين يدي أميرالمؤمنين.

قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟

قال: ان سارقا أقر علي نفسه بالسرقة، و سأل الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه.

فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، و قد أحضر محمد بن علي (أي الامام



[ صفحه 309]



الجواد) فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟ [1] .

فقلت: من الكرسوع [2] .

قال [المعتصم]: و ما الحجة في ذلك؟ [3] .

قلت: لأن اليد هي الأصابع و الكف الي الكرسوع، لقول الله في التيمم: «فامسحوا بوجوهكم و ايديكم». و اتفق معي ذلك قوم [4] .

و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق.

قال [المعتصم]: و ما الدليل علي ذلك؟

قالوا: لأن الله لما قال: (و أيديكم الي المرافق) في الغسل دل ذلك علي أن حد اليد هو المرفق.

قال [ابن ابي داؤد]: فالتفت [المعتصم] الي محمد بن علي فقال: ما تقول في هذا يا اباجعفر؟

فقال: قد تكلم القوم فيه يا أميرالمؤمنين!!

قال: دعني مما تكلموا به، اي شي ء عندك؟

قال: أعفني عن هذا يا أميرالمؤمنين!!

قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه.

فقال: أما اذا أقسمت علي بالله، اني أقول: انهم أخطأوا فيه السنة



[ صفحه 310]



فان القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع، فيترك الكف.

قال [المعتصم]: و ما الحجة في ذلك؟

قال [الامام]: قول رسول الله: «السجود علي سبعة أعضاء: الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين» فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال الله تبارك و تعالي: (و أن المساجد لله) يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فلا تدعوا مع الله أحدا) و ما كان لله لم يقطع.

قال [ابن ابي داؤد]: فأعجب المعتصم ذلك، و أمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف.

قال ابن ابي داؤد: قامت قيامتي، و تمنيت أني لم أك حيا!!.

قال زرقان: قال ابن ابي داؤد: صرت الي المعتصم بعد ثالثة، فقلت: ان نصيحة أميرالمؤمنين علي واجبة، و أنا أكلمه بما أعلم أني أدخل به النار!!

قال [المعتصم]: و ما هو؟

قلت: اذا جمع أميرالمؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماءهم لأمر واقع من أمور الدين، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، و قد حضر مجلسه أهل بيته و قواده و وزراؤه و كتابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه.

ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بامامته، و يدعون انه أولي منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟!

قال [ابن ابي داؤد]: فتغير لونه، و انتبه لما نبهته له و قال:



[ صفحه 311]



جزاك الله عن نصيحتك خيرا..) الي آخر الخبر. [5] .

أقول: ان هذا الخبر يعكس لنا، و يكشف لنا امورا لا بأس بالأشارة اليها:

1- المستوي الثقافي الديني الذي كان فقهاء ذلك اليوم يعيشونه من جهل مطبق، و عدم المبالات بالحدود الالهية، و اصدار الفتاوي المنبعثة عن الظن و الحدس و الهوي.

و لا أعلم هل كانت الحدود معطلة في ذلك الزمان، فما كان اولئك القضاة الجهال يعلمون من أين تقطع يد السارق؟!

أو أنهم كانوا يقطعون ايدي الناس - حسب اهوائهم و ميولهم - من الزند او المرفق؟؟ و لعل بعضهم كان يعجبه ان يفتي بقطع يد السارق من تحت ابطه احتياطا!!

لأن كلمة (اليد) تطلق علي هذا العضو كله!

أما كان هؤلاء يستطيعون أن يسألوا عن سنة رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في قطع يد السارق من أي موضع كان؟

فهل كانت هذه السنة - من قانون الحدود - مجهولة عند فقهاء الشياطين في ذلك العصر؟!

و علي كل تقدير: فقد اختلفوا في مجلس المعتصم و اضطربت أقوالهم في هذه المسألة.

و كان المعتصم المسكين - المدعي لخلافة رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) - أجهلهم بهذه الأحكام.



[ صفحه 312]



فلم يعلم بقول من يأخذ؟ و من أي موضع يقطع يد ذلك السارق الأحمق الذي جاء الي السراق و اللصوص و طلب منهم قطع يده و تطهيره من الذنب؟

و أخيرا يطلب المعتصم من الامام الجواد (عليه السلام) أن يخبره عن حكم الله و عن سنة رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في قطع يد السارق.

فيعتذر الامام و يطلب من المعتصم اعفاءه عن الأجابة لأنه يعلم أن اولئك العلماء (علماء السوء) تهيج فيهم رذيلة الحقد و الحسد، اذا ظهر جهلهم بالأحكام في ذلك المجلس الغاص برجال الدولة و شخصياتهم و تهدر كرامتهم و تنهار معنوياتهم و يشملهم خزي الجهل.

ولكن المعتصم أقسم علي الامام بالله تعالي أن يخبره بالحكم الالهي، فيجيب الامام علي ضوء الكتاب و السنة، و يأخذ المعتصم بقول الامام الجواد و يأمر بقطع يد السارق من أصول الأصابع.

نعم، ولكن القيامة قامت علي ابن ابي داؤد، و تمني أنه مات قبل ذلك اليوم بعشرين سنة!! نعم، هكذا ثقل عليه الحق، و هكذا انزعج من حكم الله تعالي، و تكونت عنده عقدة الحقارة النفسية و يحاول ان يقوم بجناية و هو يعلم انه يخسر الدين و الآخرة، و يكتسب غضب الله تعالي و عذابه الأليم في الآخرة، فيذهب الي المعتصم للمشاغبة ضد الامام الجواد (عليه السلام).

أما كان ابن ابي داؤد يعرف المعتصم و يعلم موبقاته من خمور لا تنقطع و سكر متواصل ليلا و نهارا؟!

أما كان يري و يشاهد حفلات المعتصم و سهراته المشفوعة بالأغاني و المنكرات؟!



[ صفحه 313]



فها هو الآن يدخل علي المعتصم ليقول له: ان نصيحة اميرالمؤمنين واجبة!!

و «أنا اكلمه بما اعلم أني ادخل به النار»!!

انظر الي العناد و الجحود.

انظر الي تعطل الوجدان و موت الضمير.

أنه يعتبر المشاغبة و السعاية ضد الامام الجواد (عليه السلام) نصيحة و حبا للخير، يقدمها الي المعتصم، و يغريه بقتل الامام الجواد الذي كان اماما و حجة لله علي عباده.

و يشكره المعتصم علي هذه النصيحة التي - والله - تعتبر جريمة و جناية و فضيحة! و يعزم علي قتل ابن رسول الله و ذريته الطاهرة: الامام الجواد (عليه السلام).

و أخيرا نفذ المعتصم خطته، و دس السم الي الامام الجواد عن طريق زوجته أم الفضل أو عن طريق أحدا عملائه الذين كانوا من زملاء ابن أبي داؤد في المبدأ و العقيدة.

و تقلوا ابن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في ريعان شبابه و غضارة عمره.

انه (عليه السلام) قتل ضحية لأجل حكم شرعي من أحكام الله تعالي.

قتل.. لأنه بين قانونا واحدا من قوانين الاسلام، فكان هذا جزاءه من ذلك المجتمع الساقط و من اولئك الأرجاس.

فليهنأ المعتصم و ابن أبي داؤد و يحيي بن أكثم - و نظراؤهم من أقطاب



[ صفحه 314]



الجناية و نماذج الخزي - بتقل آل رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) الذين اوجب الله مودتهم و جعلها أجرا لرسالة رسوله العظيم.


پاورقي

[1] اي من أي موضع من اليد يجب قطع يد السارق؟.

[2] الكرسوع: طرف الزند الذي يلي الخنصر، و هو المفصل بين الساعد و الكف.

[3] اي ما الدليل في ذلك؟.

[4] هكذا وجدناه في البحار، و لعل الصحيح: و اتفق معي في ذلك قوم. أي جماعة من الفقهاء.

[5] نذكر بقية الخبر في أواخر الكتاب في باب وفاته و شهادته (عليه السلام).