بازگشت

محمد بن أحمد بن حماد


المحمودي، المروزي، عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) و يستفاد من الروايات التي ذكرها الكشي انه أدرك الامام الجواد و الامام العسكري (عليهماالسلام).

و قد ذكرناه في ترجمة ابيه أحمد بن حماد.

و روي عنه ايضا انه دخل علي ابن ابي داؤد [1] و هو في مجلسه، و حوله أصحابه فقال لهم ابن ابي داؤد: يا هؤلاء ما تقولون في شي ء قاله



[ صفحه 296]



الخليفة البارحة؟

فقالوا: و ما ذاك؟ قال: قال الخليفة: ما تري العلائية [2] تصنع ان أخرجنا اليهم أباجعفر سكران، منشأ، مضمخا بالخلوق؟ [3] .

قالوا: اذن تبطل حجتهم، و تبطل مقالتهم!!

قال (محمد بن أحمد بن حماد): ان العلائية مخالطون، يخالطوني كثيرا، و يفضون الي بسر مقالتهم، و ليس يلزمهم هذا الذي جري.

فقال ابن ابي داؤد: و من أين قلت؟

قلت: انهم يقولون: لابد - في كل زمان و علي كل حال - لله في ارضه من حجة، يقطع العذر بينه و بين خلقه.

قلت: فان كان في زمان الحجة من هو مثله أو فوقه في النسب و الشرف كان أول (أدل) الدلائل علي الحجة قصده السلطان له من بين أهله و ولوعه به.

قال: فعرض ابن ابي داؤد هذا الكلام علي الخليفة فقال: ليس في هؤلاء حيلة، لا تؤذوا اباجعفر.

أقول: الحديث يحتاج الي شي ء من الشرح و التفصيل لعدم وضوح الكلمات و المقصود منها:

الظاهر من هذا الحديث أن محمد بن أحمد بن حماد (راوي



[ صفحه 297]



الحديث) كان يستعمل التقية، و يحضر مجالس العباسيين و مجالس عملائهم، و يتبين لنا أن المعتصم العباسي كان قد خطط للمؤامرة ضد الامام الجواد (عليه السلام) تشويها لسمعته، و تدنيسا لقداسته.

و أراد القاضي ابن ابي داؤد أن يجس نبض المجتمع لتنفيذ هذه المؤامرة و مدي تأثيرها في نفوس الشيعة المعتقدين بامامة الامام الجواد (عليه السلام).

فاستشار أصحابه حول هذه الخطة المدبرة من قبل المعتصم، و قال لهم: ما تصنع العلائية (و يقصد بذلك الشيعة) اذا أخرجنا لهم الامام الجواد سكرانا؟؟!!

من الواضح انه من المحال المستحيل الممتنع أن يقع ما قصده الخليفة العباسي الخبيث حول اخراج الامام الجواد بحالة السكر.

و لعله كان يظن و يتصور أنه يستطيع أن يحضر الامام الجواد (عليه السلام) و يسقيه الخمر قسرا و جبرا، بأن يجتمع علي الامام الجواد جماعة من اولئك السفلة، و يصبوا الخمر في فم الامام بالعنف و القوة مثلا، ثم يظهر أثر الخمر و هو السكر (علي حد زعم ذلك الخبيث) فيخرجون الامام الجواد (صلوات الله عليه) سكرانا في نشوة الخمر! (لعنهم الله و لعن أفكارهم).

كل ذلك تشويها لقدسية الامام و الامامة و تشنيعا للمذهب التابع لأهل البيت (عليهم السلام).

فكان الجواب من أصحاب ابن ابي داؤد (الأغبياء): ان هذا العمل اذا تحقق فسوف ينهار المذهب الشيعي، و يبطل اعتقادهم بعصمة الأئمة (عليهم السلام).



[ صفحه 298]



ولكن محمد بن أحمد (راوي الحديث) أجاب ابن ابي داؤد بأن هذه المؤامرة فاشلة من ذاتها، و فاسدة من أساسها، و تكون النتيجة معكوسة، لأن الشيعة يعتقدون بأنه لابد من وجود الامام الذي يكون حجة لله في أرضه، و أدل دليل علي تعيين ذلك الحجة هو أن السلطان يقصد ذلك الحجة (اي الامام) بأنواع الأذي و يحاربه بشتي الأنواع، و هذه المحاولة و الخطة التي أراد السلطان تنفيذها ستكون دليلا علي امامة الامام الجواد.

فلما أخبر القاضي ابن ابي داؤد بذلك المعتصم قال المعتصم: ليس في هؤلاء حيلة، لا تؤذوا أباجعفر.

و روي الكشي ايضا بسنده عن الفضل بن هاشم [4] الهروي انه قال:

ذكر لي كثرة ما يحج المحمودي، فسألته عن مبلغ حجاته فلم يخبرني بمبلغها، و قال: رزقت خيرا كثيرا، و الحمد لله.

فقلت له: تحج عن نفسك أو عن غيرك؟

فقال: عن غيري بعد حجةالاسلام، أحج عن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و أجعل ما آجرني الله عليه لأولياء الله، و أهب ما أثاب علي ذلك للمؤمنين و المؤمنات.

فقلت له: ما تقول في حجك؟ (اي كيف تنوي؟)

فقال: اقول: اللهم اني أهللت لرسولك محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) و جعلت جزائي منك و منه لأوليائك الطاهرين (عليهم السلام) و وهبت ثوابي لعبادك المؤمنين و المؤمنات بكتابك و سنة نبيك).

أقول: «أهللت» أي: رفعت صوتي بالتلبية (لبيك) نيابة عن



[ صفحه 299]



رسولك، و رفع الصوت بالتلبية يعتبر احراما.


پاورقي

[1] هو القاضي الذي ذكرناه في اوائل الكتاب.

[2] العليائية و العلياوية فرقة كافرة تعتقد بربوبية الامام علي (عليه السلام) و الظاهر ان ابن ابي داؤد شبه الشيعة بتلك الفرقة، لأنهم يعتقدون بامامة الأئمة (عليهم السلام).

[3] الانشاء: اول السكر و مقدماته، من بروز رائحة الخمر و غيرها. المضمخ الملطخ بالطيب، كأنه يقطر منه الطيب. الخلوق، الطيب المصنوع من الزعفران.

[4] و في نسخة: الفضل بن هشام.