بازگشت

ما رواه عن الامام جعفر بن محمد الصادق


(1050) 1 - محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله): محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد جميعا، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): بينا أبي (عليه السلام) يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر [1] قد قيض له



[ صفحه 600]



فقطع عليه أسبوعه حتي أدخله إلي دار جنب الصفا، فأرسل إلي فكنا ثلاثة فقال: مرحبا يا ابن رسول الله!

ثم وضع يده علي رأسي، وقال: بارك الله فيك يا أمين الله بعد آبائه! يا أبا جعفر! إن شئت فأخبرني، وإن شئت فأخبرتك، وإن شئت سلني، وإن شئت سألتك، وإن شئت فأصدقني، وإن شئت صدقتك؟

قال: كل ذلك أشاء. قال: فإياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره. قال: إنما يفعل ذلك من في قلبه، علمان يخالف أحدهما صاحبه وإن الله عز وجل أبي أن يكون له علم فيه اختلاف. قال: هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها. أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف، من يعلمه؟

قال: أما جملة العلم فعند الله جل ذكره، وأما ما لابد للعباد منه فعند الأوصياء. قال: ففتح الرجل عجيرته واستوي جالسا وتهلل وجهه، وقال: هذه أردت ولها أتيت، زعمت أن علم مالا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء، فكيف يعلمونه؟

قال: كما كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يري، لأنه كان نبيا وهم محدثون، وأنه كان يفد إلي الله عز وجل فيسمع الوحي وهم لا يسمعون. فقال: صدقت يا ابن رسول الله! سآتيك بمسألة صعبة. أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر؟ كما كان يظهر مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟

قال: فضحك أبي (عليه السلام) وقال: أبي الله عز وجل أن يطلع علي علمه إلا



[ صفحه 601]



ممتحنا للايمان به كما قضي علي رسول (صلي الله عليه وآله وسلم) أن يصبر علي أذي قومه، ولا يجاهدهم إلا بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتي قيل له: (اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) [2] .

وأيم الله! أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، ولكنه إنما نظر في الطاعة، وخاف الخلاف فلذلك كف، فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الأمة، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذب أرواح الكفرة من

الأموات، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء. ثم أخرج سيفا، ثم قال: ها إن هذا منها، قال: فقال أبي: إي والذي اصطفي محمدا علي البشر. قال: فرد الرجل اعتجاره وقال: أنا إلياس! ما سألتك عن أمرك، وبي منه جهالة غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك، وسأخبرك بآية أنت تعرفها إن خاصموا به فلجوا. قال: فقال له أبي: إن شئت أخبرتك بها؟

قال: قد شئت! قال: إن شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا: إن الله عز وجل يقول لرسوله (صلي الله عليه وآله وسلم): (إنا أنزلناه في ليلة القدر) - إلي آخرها - فهل كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يعلم من العلم - شيئا لا يعلمه - في تلك الليلة، أو يأتيه به جبرئيل (عليه السلام) في غيرها؟

فإنهم سيقولون: لا! فقل لهم: فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون: لا! فقل لهم: فهل كان فيما أظهر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) من علم الله عز ذكره اختلاف؟



[ صفحه 602]



فإن قالوا: لا! فقل لهم فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف، فهل خالف رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟

فيقولون: نعم! - فإن قالوا: لا، فقد نقضوا أول كلامهم - فقل لهم: ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم. فإن قالوا: من الراسخون في العلم؟

فقل: من لا يختلف في علمه، فإن قالوا: فمن هو ذاك؟

فقل: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) صاحب ذلك، فهل بلغ أولا؟

فإن قالوا: قد بلغ، فقل: فهل مات (صلي الله عليه وآله وسلم) والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف؟

فإن قالوا: لا! فقل: إن خليفة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مؤيد، ولا يستخلف رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلا من يحكم بحكمه وإلا من يكون مثله إلا النبوة، وإن كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده. فإن قالوا لك: فإن علم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) كان من القرآن فقل: (حم والكتاب المبين، إنا أنزلناه في ليلة مباركة [إنا كنا منذرين فيها] - إلي قومه - إنا كنا مرسلين) [3] فإن قالوا لك: لا يرسل الله عز وجل إلا إلي نبي فقل: هذا الأمر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلي سماء، أو من سماء إلي أرض؟

فإن قالوا: من سماء إلي سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلي معصية فإن قالوا: من سماء إلي أرض - وأهل الأرض أحوج الخلق إلي ذلك -



[ صفحه 603]



فقل: فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه؟

فإن قالوا: فإن الخليفة هو حكمهم فقل: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلي النور - إلي قوله - خالدون) [4] . لعمري ما في الأرض ولا في السماء ولي لله عز ذكره إلا وهو مؤيد، ومن أيد لم يخط، وما في الأرض عدو لله عز ذكره إلا وهو مخذول، ومن خذل لم يصب، كما أن الأمر لابد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك لابد من وال، فإن قالوا: لا نعرف هذا.

فقل: [لهم] قولوا: ما أحببتم، أبي الله عز وجل بعد محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) أن يترك العباد، ولا حجة عليهم. قال أبو عبد الله (عليه السلام): ثم وقف فقال: ههنا يا ابن رسول الله! باب غامض،

أرأيت إن قالوا: حجة الله: القرآن؟

قال: إذن أقول لهم: إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهي، ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون، وأقول: قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنة والحكم الذي ليس فيه اختلاف، وليست في القرآن، أبي الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض، وليس في حكمه راد لها ومفرج عن أهلها. فقال: ههنا تفلجون يا ابن رسول الله! اشهد أن الله عز ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدين أو غيره، فوضع القرآن دليلا. قال: فقال الرجل: هل تدري يا ابن رسول الله! دليل ما هو؟

قال أبو جعفر (عليه السلام): نعم! فيه جمل الحدود، وتفسيرها عند الحكم، فقال



[ صفحه 604]



أبي الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو [في] ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة. قال: فقال الرجل: أما في هذا الباب فقد فلجتهم بحجة إلا أن يفتري خصمكم علي الله فيقول: ليس لله جل ذكره حجة، ولكن أخبرني عن تفسير (لكيلا تأسوا علي ما فاتكم) مما خص به علي (عليه السلام) (ولا تفرحوا بما أتاكم) [5] .

قال: في أبي فلان وأصحابه واحدة مقدمة، و واحدة مؤخرة (لا تأسوا علي ما فاتكم) مما خص به علي (عليه السلام) (ولا تفرحوا بما أتاكم) من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم). فقال الرجل: أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه، ثم قام الرجل وذهب فلم أره [6] .

(1051) 2 - الصفار (رحمه الله): حدثنا أحمد بن إسحاق، عن الحسن بن عباس بن حريش [7] ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) رجل من أهل بيته



[ صفحه 605]



عن سورة (إنا أنزلناه في ليلة القدر)؟

فقال: ويلك! سألت عن عظيم، إياك والسؤال عن مثل هذا. فقام الرجل، قال: فأتيته يوما فأقبلت عليه فسألته؟

فقال: إنا أنزلناه، نور عند الأنبياء والأوصياء، لا يريدون حاجة من السماء ولا من الأرض إلا ذكروها لذلك النور، فأتيهم بها، فإن مما ذكر علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الحوائج إنه قال لأبي بكر يوما: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم) [8] فأشهد أن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مات شهيدا، فإياك أن تقول إنه ميت، والله! ليأتينك فاتق الله إذا جاءك الشيطان غير متمثل، به فعجب به أبو بكر، أو فقال: إن جاءني والله أطعته، وخرجت مما أنا فيه. قال: فذكر أمير المؤمنين لذلك النور، فعرج إلي أرواح النبيين، فإذا محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) قد ألبس وجهه ذلك النور، وأتي، وهو يقول: يا أبا بكر! آمن بعلي (عليه السلام) وبأحد عشر من ولده، أنهم مثلي إلا النبوة، وتب إلي الله برد ما في يديك إليهم، فإنه لاحق لك فيه. قال: ثم ذهب فلم ير، فقال أبو بكر: أجمع الناس فأخطبهم بما رأيت، وابرء إلي الله مما أنا فيه إليك يا علي، علي أن تؤمنني. قال: ما أنت بفاعل، ولولا أنك تنسي ما رأيت لفعلت.



[ صفحه 606]



قال: فانطلق أبو بكر إلي عمر، ورجع نور إنا أنزلناه إلي علي (عليه السلام) فقال له: قد اجتمع أبو بكر مع عمر. فقلت: أو علم النور؟

قال: إن له لسانا ناطقا، وبصرا ناقدا يتجسس الأخبار للأوصياء (عليهم السلام)، ويستمع الأسرار، ويأتيهم بتفسير كل أمر يكتتم به أعدائهم. فلما أخبر أبو بكر الخبر عمر، قال: سحرك، وإنها لفي بني هاشم لقديمة، قال: ثم قاما يخبران الناس، فما دريا ما يقولان. قلت: لماذا؟

قال: لأنهما قد نسياه، وجاء النور فأخبر عليا (عليه السلام) خبرهما. فقال: بعدا لهما كما بعدت ثمود [9] .

(1052) 3 - الشيخ الصدوق (رحمه الله): وروي الحسن بن علي الكوفي، عن الحسين ابن يوسف، عن محمد بن سليمان، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك! كيف صار الرجل إذا قذف امرأته أكانت شهادته أربع شهادات بالله؟ فإذا قذفها غيره: أب، أو أخ، أو ولد، أو غريب جلد الحد، أو يقيم البينة علي ما قال؟!



[ صفحه 607]



فقال: قد سئل [10] جعفر بن محمد (عليه السلام) عن ذلك، فقال: إن الزوج إذا قذف امرأته، فقال: رأيت ذلك بعيني، كانت شهادته أربع شهادات بالله. وإذا قال: إنه لم يره، قيل له: أقم البينة علي ما قلته، وإلا كان بمنزلة غيره. وذلك إن الله عز وجل جعل للزوج مدخلا يدخله لم يجعله لغيره من والد، ولا ولد، ويدخله بالليل والنهار، فجائز أن يقول رأيت.

ولو قال غيره: رأيت قيل له: وما أدخلك المدخل الذي تري هذا فيه وحدك، أنت متهم، ولابد أن يقام عليك الحد الذي أوجبه الله عليك [11] .

4 - الحضيني (رحمه الله):... محمد بن الوليد بن يزيد... فقلت: جعلت فداك! فما لمواليكم في آلاتكم؟

فقال [أبو جعفر الجواد (عليه السلام)]: إن جدي جعفر الصادق (عليه السلام) كان له غلام يمسك عليه بغلته إذا دخل المسجد، فبينما هو في بعض الأيام جالس في المسجد، إذ أقبلت من خراسان قافلة، فأقبل رجل منهم إلي الغلام، وفي يده البغلة. فقال له: من داخل المسجد؟

فقال: مولاي جعفر الصادق ابن رسول الله. فقال له الرجل: هل لك يا غلام! تسأله يجعلني مكانك، وأكون له مملوكا،



[ صفحه 608]



وأجعل لك مالي كله؟ فإني كثير الخير والضياع، أشهد لك بجميعه، وأكتب لك، وتمضي إلي خراسان، فتقبضه، وأنا موضعك أقيم. فقال له الغلام: أسأل مولاي ذلك. فلما خرج قدم بغلته، فركب وتبعه كما كان يفعل، فلما نزل في داره، استأذن الغلام ودخل عليه، فقال له: مولاي يعرف خدمتي، وطول صحبتي.

قال: فإن ساق الله لنا خيرا تمنعني منه. فقال له جدي: أعطيك من عندي، وأمنعك من غيري، حاش لله، فحكي له حديث الخراساني. فقال له (عليه السلام): إن زهدت بخدمتنا، وأرغبت الرجل فينا قبلنا، وأرسلناك، فولي الغلام، فقال له: انضجع [12] بطول الصحبة ولك الخير. قال: نعم!

فقال له: إذا كان يوم القيامة كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بنور الله، أخذنا لحجزته، وكذلك أمير المؤمنين، وكذلك فاطمة، والحسن، والحسين (عليهم السلام)، وكذلك شيعتنا يدخلون مدخلنا، ويردون موردنا، ويسكنون مسكننا. فقال الغلام: يا مولاي! بل أقيم بخدمتك. قال: اختر ما ذكرت. فخرج الغلام إلي الخراساني فقال له: يا غلام! قد خرجت إلي بغير الوجه الذي دخلت به. فأعاد الغلام عليه قول الصادق (عليه السلام)، فقال له: ما تستأذن لي عليه بالدخول؟.

فاستأذن له ودخل عليه، وعرفه رشد ولايته، فقبل ولايته، وشكر له، وأمر



[ صفحه 609]



للغلام بوقته بألف درهم، وقال: هذا خير لك من مال الخراساني، فودعه، وسأله أن يدعو له، ففعل بلطف ورفق وبشاشة بالخراساني، ثم أمر له برزمة عمائم، فحضرت. وقال للخراساني: خذها، فإن كل ما معك يؤخذ بالطريق، وتبقي معك هذه العمائم، وتحتاج إليها. فقبلها، وسار، فقطع عليه الطريق، وأخذ كلما كان معه غير العمائم، واحتاج إليها، فباع منها، وتجمل إلي أن وصل إلي خراسان. قال الكرماني: حسب مواليهم بهذا الشرف فضلا [13] .

(1053) 5 - الشيخ الصدوق (رحمه الله): حدثنا محمد بن موسي، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله، عن عبد العظيم بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قتل النفس من الكبائر، لأن الله تعالي يقول: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) [14] [15] .

(1054) 6 - محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله): محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد جميعا، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان علي بن الحسين صلوات الله عليه يقول: (إنا أنزلناه



[ صفحه 610]



في ليلة القدر) صدق الله عز وجل أنزل الله القرآن في ليلة القدر (وما أدريك ما ليلة القدر) قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): لا أدري. قال الله عز وجل: (ليلة القدر خير من ألف شهر) ليس فيها ليلة القدر، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): وهل تدري لم هي خير من ألف شهر؟ قال: لا! قال: لأنها تنزل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر. وإذا أذن الله عز وجل بشئ فقد رضيه (سلام هي حتي مطلع الفجر) يقول: تسلم عليك يا محمد ملائكتي وروحي بسلامي من أول ما يهبطون إلي مطلع الفجر. ثم قال في بعض كتابه: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) [16] .

في (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وقال في بعض كتابه: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) [17] يقول في الآية الأولي: إن محمدا حين يموت، يقول أهل الخلاف لأمر الله عز وجل: مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، فهذه فتنة أصابتهم خاصة، وبها ارتدوا علي أعقابهم، لأنهم إن قالوا: لم تذهب، فلابد أن يكون لله عز وجل فيها أمر، وإذا أقروا بالأمر، لم يكن له من صاحب بد [18] .

(1055) 7 - محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله): محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن



[ صفحه 611]



الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد جميعا، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان علي (عليه السلام) كثيرا ما يقول: [ما] اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو يقرأ: (إنا أنزلناه) بتخشع وبكاء فيقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة؟

فيقول رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): لما رأت عيني ووعي قلبي، ولما يري قلب هذا من بعدي فيقول: وما الذي رأيت وما الذي يري؟

قال: فيكتب لهما في التراب (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) قال: ثم يقول: هل بقي شئ بعد قوله عز وجل: (كل أمر) فيقولان: لا! فيقول: هل تعلمان من المنزل إليه بذلك؟ فيقولان: أنت يا رسول الله. فيقول: نعم! فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدي؟ فيقولان: نعم! قال: فيقول: فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟ فيقولان: نعم! قال: فيقول: إلي من؟ فيقولان: لا ندري! فيأخذ برأسي ويقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي. قال: فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) من شدة ما يداخلهما من الرعب [19] .

(1056) 8 - محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله): محمد بن أبي عبد الله، محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد جميعا، عن



[ صفحه 612]



الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: بينا أبي جالس وعنده نفر، إذا استضحك حتي اغرورقت عيناه دموعا، ثم قال: هل تدرون ما أضحكني؟ قال: فقالوا: لا! قال: زعم ابن عباس أنه من (الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) [20] فقلت له: هل رأيت الملائكة يا ابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة، مع الأمن من الخوف والحزن؟

قال: فقال: إن الله تبارك وتعالي يقول: (إنما المؤمنون إخوة) [21] وقد دخل في هذا جميع الأمة، فاستضحكت. ثم قلت: صدقت يا ابن عباس! أنشدك الله، هل في حكم الله جل ذكره اختلاف؟

قال: فقال: لا! فقلت: ما تري في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتي سقطت ثم ذهب، وأتي رجل آخر فأطار كفه، فأتي به إليك وأنت قاض، كيف أنت صانع؟

قال: أقول لهذا القاطع: أعطه دية كفه، وأقول لهذا المقطوع: صالحه علي ما شئت وابعث به إلي ذوي عدل. قلت: جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره، ونقضت القول الأول، أبي الله عز ذكره أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود [و] ليس تفسيره في الأرض، أقطع قاطع الكف أصلا، ثم أعطه دية الأصابع، هكذا حكم الله ليلة تنزل فيها أمره؟!

إن جحدتها بعد ما سمعت من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فأدخلك الله النار كما



[ صفحه 613]



أعمي بصرك يوم جحدتها علي ابن أبي طالب، قال: فلذلك عمي بصري، قال: وما علمك بذلك فوالله إن عمي بصري إلا من صفقة جناح الملك. قال: فاستضحكت ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله، ثم لقيته فقلت:

يا ابن عباس! ما تكلمت بصدق مثل أمس. قال لك علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، وإن لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فقلت: من هم؟

فقال: أنا وأحد عشر من صلبي، أئمة محدثون. فقلت: لا أراها كانت إلا مع رسول الله، فتبدا لك الملك الذي يحدثه. فقال: كذبت يا عبد الله! رأت عيناي الذي حدثك به علي - ولم تره عيناه ولكن وعا قلبه ووقر في سمعه - ثم صفقك بجناحه فعميت. قال: فقال ابن عباس: ما اختلفنا في شئ فحكمه إلي الله. فقلت له: فهل حكم الله في حكم من حكمه بأمرين؟

قال: لا! فقلت: ههنا هلكت وأهلكت [22] .



[ صفحه 614]



(1057) 9 - الصفار (رحمه الله): حدثنا الحسن بن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الحسن ابن عباس بن حريش، أنه عرضه علي أبي جعفر (عليه السلام)، فأقر به قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن القلب الذي يعاين ما ينزل في ليلة القدر لعظيم الشأن. قلت: وكيف ذاك يا أبا عبد الله!؟

قال: ليشق والله بطن ذلك الرجل ثم يؤخذ إلي قلبه، ويكتب عليه [23] بمداد النور فذلك جميع العلم، ثم يكون القلب مصحفا للبصر، ويكون اللسان مترجما

للأذن. إذا أراد ذلك الرجل علم شئ نظر ببصره وقلبه، فكأنه ينظر في كتاب. قلت له بعد ذلك: وكيف العلم في غيرها، أيشق القلب فيه أم لا؟ قال: لا يشق، لكن الله يلهم ذلك الرجل بالقذف في القلب حتي يخيل إلي الأذن إنه [24] تكلم بما شاء الله علمه، والله واسع عليم [25] .

(1058) 10 - الصفار (رحمه الله): حدثنا أحمد بن إسحاق، عن الحسن بن العباس بن جريش، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنا أنزلناه، نور كهيئة العين علي رأس النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) والأوصياء، لا يريد أحد منا علم أمر من أمر الأرض، أو أمر من أمر السماء إلي الحجب التي بين الله وبين العرش إلا رفع طرفه إلي ذلك النور، فرأي تفسير الذي أراد فيه مكتوبا [26] .



[ صفحه 615]



(1059) 11 - الصفار (رحمه الله): حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسن بن العباس بن الحريش، قال: عرضت هذا الكتاب علي أبي جعفر (عليه السلام)، فأقر به، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال علي (عليه السلام)، في صبح أول ليلة القدر، التي كانت بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): سلوني فوالله لأخبرنكم بما يكون إلي ثلاثمائة وستين يوما من الذر، فما دونها، فما فوقها، ثم لأخبرنكم بشئ من ذلك، لا بتكلف ولا برأي، ولا بادعاء في علم إلا من علم الله وتعليمه. والله! لا يسألني أهل التورية، ولا أهل الإنجيل، ولا أهل الزبور، ولا أهل الفرقان إلا فرقت بين كل أهل كتاب بحكم ما في كتابهم. قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أرأيت، ما تعلمونه في ليلة القدر هل تمضي تلك السنة وبقي منه شئ لم تتكلموا به؟

قال: لا! والذي نفسي بيده، لو أنه فيما علمنا في تلك الليلة أن أنصتوا لأعدائكم، لنصتنا، فالنصت أشد من الكلام [27] .

(1060) 12 - الصفار (رحمه الله): حدثنا أحمد بن إسحاق، عن الحسن بن عباس بن حريش، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): والله! إن أرواحنا وأرواح النبيين لتوافي العرش ليلة كل جمعة، فما ترد في أبداننا إلا بجم الغفير من العلم [28] .

(1061) 13 - الشيخ الصدوق (رحمه الله): ما حدثنا به أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر الجرجاني (رضي الله عنه) عنه قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن



[ صفحه 616]



الحسن بن علي [29] ، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي ابن جعفر (عليهم السلام) قال: قال الصادق (عليه السلام): إن الرجل ليكون بينه وبين الجنة أكثر مما بين الثري والعرش، لكثرة ذنوبه فما هو إلا أن يبكي من خشية الله عز وجل ندما عليها حتي يصير بينه وبينها أقرب من جفته [30] إلي مقلته [31] .

(1062) 14 - الشيخ الصدوق (رحمه الله): حدثنا به أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر الجرجاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي [32] ، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر (عليهم السلام) قال: قال الصادق (عليه السلام): كم ممن كثر ضحكه لاعبا يكثر يوم القيامة بكاؤه. وكم ممن كثر بكاؤه علي ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجنة سروره وضحكه [33] .


پاورقي

[1] الاعتجار: لف العمامة علي الرأس، ويرد، طرفها علي وجهه ولا يجعل شيئا تحت ذقنه: مجمع البحرين: ج 3، ص 397 (عجر).

[2] الحجر: 15 / 94.

[3] الدخان: 44 / 1 - 5.

[4] البقرة: 2 / 257.

[5] الحديد: 57 / 23.

[6] الكافي: ج 1، ص 242، ح 1. عنه البحار: ج 13، ص 397، ح 4، و ج 25، ص 74، ح 64، و ج 46، ص 363، ح 4، و ج 52، ص 371، ح 163، ونور الثقلين: ج 1، ص 777، ح 336، قطعة منه، و ج 3، ص 31، ح 120، قطعة منه، و ج 5، ص 633، ح 96، قطعة منه، ووسائل الشيعة: ج 27، ص 177 ح 33534، قطعة منه، ومدينة المعاجز: ج 5، ص 191، ح 1557، قطعة منه، وإثبات الهداة: ج 1، ص 89، ح 66، قطعة منه، و ج 3، ص 440، ح 5، قطعة منه، والفصول المهمة للحر العاملي: ج 1، ص 543، ح 804، قطعة منه، والوافي: ج 2، ص 32، ح 483، والبرهان: ج 4، ص 296 ح 5، قطعة منه، وص 481، ح 2. تفسير القمي: ج 2، ص 351، س 14، قطعة منه وبتفاوت. عنه نور الثقلين: ج 5، ص 248، ح 89.

[7] قال التستري: لا ريب في اتحادهما [أي اتحاد (الحسن بن العباس الحريش) الذي ذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم (عليهم السلام) و (الحسن بن عباس بن حريش) الذي ذكره الشيخ في أصحاب الجواد (عليه السلام)]: اقتباس عن قاموس الرجال: ج 3، ص 273. وقال الزنجاني: (الحسن بن العباس الحريش) الذي ذكره الشيخ في عداد من لم يرو عنهم... عندي متحد مع السابق [أي الحسن بن عباس بن الحريش] كما هو مختار التفرشي، وكذا الميرزا: الجامع في الرجال: ج 1، ص 509.

[8] آل عمران: 3 / 169.

[9] بصائر الدرجات: الجزء السادس ص 300، ح 15. عنه البحار: ج 25، ص 51، ح 12، و ج 29، ص 30، ح 14. الكافي: ج 1، ص 533، ح 13، محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي، ومحمد ابن أبي عبد الله، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن عباس الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قطعة منه، بتفاوت. عنه نور الثقلين: ج 1، ص 408، ح 428، ومدينة المعاجز: ج 3، ص 32، ح 695، والبرهان: ج 1، ص 325، ح 3، و ج 2، ص 468، ح 8، قطعة منه، والوافي: ج 2، ص 310، ح 769، وإثبات الهداة: ج 1، ص 460، ح 82.

[10] في الكافي: [أبو] جعفر، بدل جعفر بن محمد.

[11] من لا يحضره الفقيه: ج 3، ص 348، ح 1670. عوالي اللئالي: ج 3، ص 419، ح 24.التهذيب: ج 8، ص 192، ح 670، عن محمد بن علي بن محبوب، عن الكوفي.... عنه وعن الفقيه والكافي، وسائل الشيعة: ج 22، ص 417، ح 28926. الكافي: ج 7، ص 403، علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سيف.... عنه نور الثقلين: ج 3، ص 577، ح 49.

[12] ضجيع الرجل: الذي يصاحبه: مجمع البحرين: ج 4، ص 363 (ضجع). ضاجعه الهم علي المثل: يعنون بذلك ملازمته إياه: لسان العرب: ج 8، ص 219 (ضجع).

[13] الهداية الكبري: ص 308، س 2. تقدم الحديث بتمامه في ف 2، ب 4 (إخباره (عليه السلام) عما في الضمير)، رقم 411.

[14] النساء: 4 / 93.

[15] علل الشرايع: ب 228، ص 478، ح 2.

عنه البحار: ج 76، ص 8، ح 7، ووسائل الشيعة: ج 105، ص 328، ح 20657.

[16] الأنفال: 8 / 25.

[17] آل عمران: 3 / 144.

[18] الكافي: ج 1، ص 248، ح 4. عنه البحار: ج 25، ص 80، ح 67، ونور الثقلين: ج 5، ص 635، ح 98، والوافي: ج 2، ص 47، ح 486، والبرهان: ج 4، ص 483، ح 5. تأويل الآيات الظاهرة: ص 794، س 20، بتفاوت.

[19] الكافي: ج 1، ص 249، ح 5. عنه البرهان: ج 4، ص 483، ح 6. بحار الأنوار: ج 25، ص 71، ح 61، عن كنز الفوائد. تأويل الآيات الظاهرة: ص 795، س 13، بتفاوت.

[20] فصلت: 41 / 30.

[21] الحجرات: 49 / 10.

[22] الكافي: ج 1، ص 247، ح 2. عنه البحار: ج 25، ص 78، ح 65، و ج 42، ص 158، ح 27، ونور الثقلين: ج 5، ص 619 ح 36، قطعة منه، وإثبات الهداة: ج 1، ص 439، ح 19، قطعة منه، وص 459، ح 81، قطعة منه، والفصول المهمة للحر العاملي: ج 1، ص 489، ح 689، قطعة منه،والدر المنثور: ج 2، ص 276، س 15، والوافي: ج 2، ص 43، ح 484، والبرهان: ج 4، ص 482، ح 3. الكافي: ج 7، ص 317، ح 1، قطعة منه، بتفاوت. عنه وعن التهذيب، وسائل الشيعة: ج 29، ص 172، ح 35399. التهذيب: ج 10، ص 276، ح 1082، قطعة منه. عوالي اللئالي: ج 3، ص 607، ح 74.غيبة الطوسي (رحمه الله): ص 92، س 22، قطعة منه.

[23] في البحار: يكتب علي قلب ذلك الرجل.

[24] في البحار: أنها.

[25] بصائر الدرجات: الجزء الخامس ص 243، ح 14. عنه البحار: ج 94، ص 20، ح 45، ونور الثقلين: ج 5، ص 639، ح 108.

[26] بصائر الدرجات: الجزء التاسع ص 462، ح 5. عنه البحار: ج 26، ص 135، ح 11.

[27] بصائر الدرجات: الجزء الخامس، ص 242، ح 12. عنه البحار: ج 94، ص 20، ح 44، بتفاوت.

[28] بصائر الدرجات: الجزء الثالث ص 152، ح 6. عنه البحار: ج 26، ص 90، ح 10.

[29] تأتي ترجمته في الحديث الأول فيما رواه عن أبي الحسن موسي بن جعفر (عليهم السلام).

[30] في البحار: من جفنته إلي مقلته. الجفن: قطاع العين من أعلي إلي أسفل، المنجد: ص 94 (جفن)، والمقلة: شحمة العين أو هي السواد والبياض منها، المنجد: ص 770 (مقل).

[31] عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2، ص 3، ح 4.عنه البحار: ج 90، ص 329، ح 4.

[32] تأتي ترجمته في الحديث الأول فيما رواه عن أبي الحسن موسي بن جعفر (عليهما السلام)، فراجع.

[33] عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2، ص 3، ح 6.

عنه البحار: ج 90، ص 329، ح 5.